الجمعة، 8 مايو 2015

أهمية العلم بأسماء الله وصفاته

| أهمية العلم بتوحيد الأسماء والصفات |

🌱 لا يختلف المسلمون أن معرفة أسماء الله وصفاته أساس الدين وأصل الهداية، وهي أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول، ويظهر شرف هذا العلم من وجوه :

١- أن العلم من حيث هو شيء فاضل وشيء عظيم، ولكنه يتفاضل بحسب المعلوم، والله أشرف معلوم، فالعلم به أشرف العلوم.
والله هو الكبير؛ بل الله أكبر من كل شيء، فالعلم به أكبر من كل علم.
والله هو العظيم، فالعلم به أعظم العلوم.
بل كل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة، ومعرفة الله مرادة لأجلها، ومن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل.

٢- قد أكثر الله في كتابه من الأمر بالعلم بأسمائه وصفاته {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم}  {واعلموا أن الله سميع عليم } {واعلموا أن الله غني حميد} {واعلموا أن الله بكل شيء عليم} {واعلموا أن الله مع المتقين} { فاعلموا أن الله عزيز حكيم }
وقد ورد هذا في كتاب الله في أكثر من عشرين موضعا.

وهذا يستفاد منه فائدتان:
أ. أن العلم بأسماء الله وصفاته أمر واجب.
ب. أن نعلم أن الله يحب منا أن نعلم أسماءه وصفاته، وذلك أن كل ما أمر الله به شرعا فهو محبوب له.

٣- أن العلم بأسماء الله وصفاته يفتح على العبد أبوابا عظيمة من عبوديات القلب وعبوديات الجوارح، والقيام بدعاء العبادة ودعاء المسألة، وهي من أعظم أسباب زيادة الإيمان؛ بل وتتفجر للعبد العالم بالله من ينابيع العلم ما لاتحيط به العبارة؛ ولذلك فمن وسِع علمهم وسلمت فطرتهم فإنهم يستدلون بأسماء الله وصفاته على أحكامه الشرعية وأحكامه القدرية.
قالت خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه ( واللهِ لا يخزيك اللهُ أبدا إنك لتصل الرحم وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق) علمت بفطرتها أن الله حكيم، ومن حكمته فإنه لا يمكن أن يخزي مَن هذه حاله.
وكل اسم لله عز وجل وجل وكل صفة له سبحانه لها عبودية تخصها، فهناك عبودية تتعلق باسم الله الغفور وصفة الله المغفرة ... وهكذا.
ولذا فإن السير إلى الله من طريق أسمائه وصفاته شأنه عجيب، وصاحبه قد حيزت له السعادة وهو مستلقٍ على فراشه.

٤- أن الحاجة النفسية للعباد ملحة إلى معرفة أسماء الله وصفاته، ولا يمكن أن يُعبد اللهُ على الوجه الأكمل إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، وكلما كان الانسان أعلم بأسماء الله وصفاته كان أصح عبادة وأسدَّ تقوى؛ بل إن الانسان لو قيل له: اعبد ربا لا تعرف عنه شيئا من أسمائه وصفاته، لما أمكنه ذلك، وكان هذا من تكليف ما لا يُطاق.

ولعلم الله بمسيس حاجة العباد لذلك فإنه بيّن لهم طرفا من الأسماء والصفات، وقد جرت عادة الله في شرعه وكونه أنه كلما اشتدت حاجة الشيء فإن الله ينعم به أكثر، ولذا كثر في الكتب المنزلة وفي كلام المرسلين ذكر أسماء الله وصفاته - وأعظمهم في ذلك حظا نبينا صلى الله عليه وسلم والكتاب الذي أُنزل عليه- .
فحاجة العباد إلى معرفة الله بأسمائه وصفاته أعظم من كل حاجة؛ بل أعظم من حاجتهم للطعام والشراب، فـبالطعام حياة البدن، وتلك المعرفة حياة القلب، والإنسان بروحه وقلبه لا بجسده.

٥- هذا العلم وما يتبعه من العمل هو الغاية من خلق هذا الكون قال تعالى { الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} وقال تعالى { جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم}

٦- أن العلم بأسماء الله وصفاته كما أنه شطر التوحيد فهو أيضا أصل التوحيد، فالتوحيد علمي وعملي، والتوحيد العلمي أصل التوحيد العملي، وهو الموصل إليه فيوحده بالعلم ثم يوحده بالعمل، قال تعالى { رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا } لما كان ربَّ السماوات والأرض ولما كان لا سمي له ولا كفؤ ولا نظير فإنه حينئذ يكون المستحق للعبادة، إذن: توحيد الاسماء والصفات يستلزم توحيد العبادة.

٧- أن العلم بأسماء الله وصفاته والقيام بمقتضى هذا العلم تعبدا له جل وعلا سبب لدخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين (إن لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) والتحقيق أن إحصاء أسماء الله يكون:
أ.بحفظها، 
ب.ومعرفة معناها، 
ج.والتعبد لله بها.

٨- أن باب الأسماء والصفات من الأبواب التي كثر فيها القول بالباطل، فإن الخلاف فيه قديم في الأمة ؛ ولذا فقد كثرت الفرق التي خالفت الحق في هذا الباب، وقد عظمت البلية بهم حتى إن الخلل والخطأ فيما يتعلق بصفات الله قد وقع في كثير من الكتب التي بأيدي الناس مع الأسف الشديد.
وإذا كان ذلك كذلك فإن المتعين على المسلم - لا سيما طالب العلم - أن يعتني بتحقيق هذا الباب وفق دلالات الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح.
فإن الخطأ في هذا الباب ليس كالخطأ في غيره؛ فإن الذي يعارض الله في ثبوت ما أثبت لنفسه من الصفات قد وقع في أمر عظيم.

💡[ الشيخ أ.د. صالح سندي -  شرح القواعد المثلى - الدرس الأول ]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق