[ حرمة دم المسلم ]
يتبين عظم حرمة دم المسلم من ستة عشر وجهًا :
1- مِن أعظم الذنوب بعد الشرك قتل مسلم بغير حق :
قال تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)
2- قتل المسلم بمنزلة قتل النفس :
قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوٰناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً}
- قال الطبري: "يعني بقوله جل ثناؤه: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} ولا يقتل بعضكم بعضا وأنتم أهل ملّة واحدة ودعوة واحدة ودين واحد، فجعل أهل الإسلام كلهم بعضهم من بعض, وجعل القاتل منهم قتيلا في قتله إياه منهم بمنزلة قتله نفسه، إذ كان القاتل والمقتول أهل يدٍ واحدة على من خالف ملَّتَهما" .
3- هو ذنب عظيم وإثم كبير :
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا"
رواه أبو داود وصححه الألباني .
- قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ "
رواه الترمذي وصححه الألباني .
- قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَاماً " رواه البخاري .
4- جاء تأكيد حرمة الدماء كتأكيد حرمة يوم النحر من شهر الحج في حرم مكة:
قال صلى الله عليه وسلم :
"فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا" رواه مسلم .
5- لا يقبل الله عمله :
قال صلى الله عليه وسلم:
"من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا " صححه الألباني .
اغتبط بقتله : أي سُرَّ بذلك .
6- مصيب الدم الحرام واقع في الهلاك :
قال صلى الله عليه وسلم:
"لا يزال المؤمن مُعنِقا صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلَّح"
صححه الألباني.
(مُعنِقا) = خفيف الظهر سريع السير.
(غريب الحديث للخطابي 1/204)
(بلّح الرجل إذا انقطع من الإعياء فلم يقدر أن يتحرّك، يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام) قاله ابن الأثير (1/151)
7- زوال الدنيا بأسرها أهون من قتل المسلم:
قال صلى الله عليه وسلم :
" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق" صححه الألباني.
- "الدنيا عبارة عن الدار القربى التي هي معبر الدار الأخرى، وهي مزرعة لها، وما خلقت السموات والأرض إلا لتكون مسارح أنظار المتبصرين ومعتبرات المطيعين، ...فمن حاول قتل من خُلقت الدنيا لأجله فقد حاول زوال الدنيا" (الطيبي)
8- قتل المسلم ورطة لا مخرج منها :
قال ابن عمر -رضي الله عنهما- :
"إن من وَرطات الأمور التي لا مخرج لمن أَوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حِلِّه"
(أخرجه البخاري)
9- حساب القاتل يوم القيامة شديد :
قال صلى الله عليه وسلم:
"يجيءُ الرجلُ آخذًا بيدِ الرجلِ فيقول : ياربِّ ! هذا قتلني فيقول اللهُ له : لم قتلتَه ؟ فيقول : لتكونَ العِزَّةُ لك فيقول : فإنها لي ويجيءُ الرجلُ آخذًا بيدِ الرجلِ فيقول : إنَّ هذا قتلني فيقول اللهُ له : لم قتلتَه ؟ فيقول : لتكونَ العِزَّةُ لفلانٍ ! فيقول : إنها ليست لفلانٍ ، فيبوءُ بإثمِه" صححه الألباني في 'الصحيحة' .
- قال السندي: "أي: حرمة مال المؤمن ودمه وحرمة الظنّ به سوى الخير أعظم حرمة منك"
10- أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء:
قال صلى الله عليه وسلم :
"أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ " رواه البخاري .
11- لا يُقتل المسلم ولو كان دفاعا عن فاضل:
عن الأحنف بن قيس قال : ذهبتُ لأنصر هذا الرجل – يعني : علي بن أبي طالب – فلقيني أبو بكرة فقال : أين تريد ؟
قلت : أنصر هذا الرجل ، قال : ارجع فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار … " متفق عليه.
12- اليسير من الدم بغير حق يحول بين العبد وبين الجنة :
- قال صلى الله عليه وسلم:
" من استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة ملء كف منْ دم أهراقه فليفعل " رواه البخاري .
- قال صلى الله عليه وسلم :
" من لقي اللهَ لا يُشرِكُ به شيئًا لم يتنَدَّ بدمٍ حرامٍ ، دخل الجنَّة "
(صححه الألباني في الصحيحة) .
لم يتند : أي لم ينل منه شيئاً .
13- القاتل بغير حق من أبغض الناس إلى الله:
قال صلى الله عليه وسلم:
" أبغض الناس إلى الله ثلاث : مُلْحِدٌ في الحَرَم ، ومُبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرىء بغير حق ليهريق دمه "
رواه البخاري .
14- حرمة دم المسلم أعظم من حرمة الكعبة:
عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول:
"ما أطيبك وأطيبَ ريحك، ما أعظمَك وأعظمَ حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك: ماله ودمه، وأن نظن به إلا خيرا" صححه الألباني.
- قال صلى الله عليه وسلم:
"يجيءُ المقتولُ بالقاتلِ يومَ القيامةِ ؛ ناصيتُه ورأسُه بيدِهِ، وأوداجُه تَشخبُ دَمًا، يقولُ: يا ربِّ ! قَتلَني، حتَّى يُدنيَهُ من العَرشِ"
صححه الألباني في 'صحيح الجامع'
15-من قتل مؤمنا بغير حق صار مباحا دمه ويقتل قصاصا :
عن المقداد بن عمرو الكندي أنه قال: يا رسول الله، إن لقيت كافراً فاقتتلنا فضرب يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ بشجرة وقال: أسلمت لله أأقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقتله))، قال: يا رسول الله، فإنه طرح إحدى يديّ ثم قال ذلك بعدما قطعها أأقتله؟ قال: "لا، فإن قتلتَه فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال" رواه البخاري .
16- قد لا يوفق القاتل للتوبة ، وأنى له ذلك والذنب متعلق بحق لآدمي! :
عن ابن عباس أنَّ رجلاً أتاه فقال : أرأيتَ رجلاً قتل رجلاً متعمداً ؟ قال : جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ، قال : أُنزِلتْ في آخر ما نزل ، ما نسخها شيءٌ حتى قُبضَ رسولُ الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أرأيتَ إنْ تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال : وأنى له التوبة ، وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ثكلتْهُ أُمُه رجلٌ قتلَ رجلاً متعمداً يجيء يومَ القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره وآخذاً رأسه بيمينه أو شماله تشخبُ أوداجه دماً في قبل العرش يقول : يا رب سَلْ عبدك فيم قتلني ؟ "
أخرجه الحميدي وأحمد وعبد بن حميد .
- سبب القتل في الغالب الحرص على الولاية:
قال المهلب: الحرص على الولاية هو السبب في اقتتال الناس عليها، حتى سفكت الدماء واستبيحت الأموال والفروج،وعظم الفساد في الأرض بذلك. (فتح الباري)
- "ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حقّ والوعيد في ذلك، فكيف بقتل الآدمي؟! فكيف بالمسلم؟! فكيف بالتقي الصالح؟!"
(ابن العربي)
- "قَالَ الْفُقَهَاء : أكبر الْكَبَائِر الْكفْر ثمَّ قتل النَّفس بِغَيْر حق" (ابن تيمية)
- ختاما >>
"أكثروا من الأحاديث، فإنها سلاح العلماء"
(سفيان الثوري)
" لا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام" (الطحاوي)