الاثنين، 22 سبتمبر 2014

حق الطريق

[ حق الطريق ]

قال صلى الله عليه وسلم :
" إِياكُم وَألْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ ،
فَقَالُوا : مَا لَنَا بُد ، إِنما هِيَا مَجَالِسُنَا ، نَتَحدثُ فِيهَا ، قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ إلاَّ المجالس ، فَأَعطُوا اَلطرِيقَ حَقُّهَا ، قَالُوا : وَمَا حَقُ اَلطرِيقِ ؟
قَالَ : غَضُّ اَلْبَصَر ، وَكَفُّ اَلأذًى ، وَرَدُّ السلاَم ، وًأمْر بِالْمَعْرُوف ، وَنَهي عَنِ اَلْمُنْكَرِ. متفق عليه

ثبت في السنة أن من حق الطريق ما يلي:
1."غض البصر"
2."كف الأذى"
3."رد السلام"
4."الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" 
👆جميعها من الحديث المتقدم المتفق عليه👆
5. " وَحُسْنُ الْكَلاَمِ " رواه مسلم. 
6. "وَتَشْمِيت الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ الله"
7. "إِرْشَاد السَّبِيل" 
8. " وأعينوا المظلوم"
 9. " وَتُغِيثُوا الْمَلْهُوفَ "
10. "وَتَهْدُوا الضَّالَّ "
👆صححها الألباني👆
11. "وَأَعَانَ عَلَى الْحَمُولَة " حسنه ابن حجر .
يبينه ما في الصحيحين " ويعين الرجل على دابته فيحمله عليها فيحمله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة" .
12. " وإماطة الأذى عن الطريق صدقة" رواه البخاري.
ذكر ابن حجر أربعة عشر أدبا ثبتت في أحاديث ساقها ، ثم نظمها في أبيات :
جَمَعْت آدَابَ مَنْ رَامَ الْجُلُوس عَلَى ...
الطَّرِيق مِنْ قَوْل خَيْر الْخَلْق إِنْسَانَا
اُفْشُ السَّلَام وَأَحْسِنْ فِي الْكَلَام وَشَمِّـ ...
ـتْ عَاطِسًا وَسَلَامًا رُدَّ إِحْسَانَا
فِي الْحَمْل عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ وَأَغِـ ...
ـثْ لَهْفَان اِهْدِ سَبِيلًا وَاهْدِ حَيْرَانَا
بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكُر وَكُفَّ أَذَىً ...
وَغُضَّ طَرْفًا وَأَكْثِرْ ذِكْر مَوْلَانَا

 🔺فيجب على المسلم أن يتقيد بهذه الضوابط لحفظ نفسه وغيره ، ولا يكون سببًا في جلب الضر على غيره من الناس بما يخالف به هذه القواعد والضوابط .


✏️الحكمة في النَّهْي عَنْ الْجُلُوس فِي الطُّرُق✏️

1.أن المرء بجلوسه يتَّعَرُّض لِلْفِتَنِ ، فإنه قد ينظر إلى النساء ممن يخاف الفتنة على نفسه من النظر إليهن .
2. وكذلك التَّعَرُّض لِحُقُوقِ اللَّه وَالْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَلْزَم الْإِنْسَان إِذَا كَانَ فِي بَيْته ؛
3. وَكذلك يتعرض لرُؤْيَة المنكرات ، وَتَعْطِيل الْمَعروف ، فَيَجِب عَلَى الْمُسْلِم الْأَمْر وَالنَّهْي عِنْدَ ذَلِكَ ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَعْصِيَةِ .
4. وَكَذَا يَتَعَرَّض لِمَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ وَيُسَلِّم عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَثُرَ ذَلِكَ فَيَعْجِز عَنْ الرَّدّ عَلَى كُلّ مَارٍّ ، وَرَدُّ السلام فَرْض .

💡وَالْمَرْء مَأْمُور بِأَنْ لَا يَتَعَرَّض لِلْفِتَنِ وألا يلزم نَفْسه مَا قد لَا يَقْوَى عَلَيْهِ ، فَنَدَبَهُمْ الشَّارِع إِلَى تَرْك الْجُلُوس حَسْمًا لِلْمَادَّةِ ، فنهيه عن الجلوس في الطرقات لئلا يضعف الجالس عن الشروط التي دلت السنة على أنها من حق الطريق .

🌴يستفاد مما سبق أن ضوابط المرور التي وضعت لسائقي السيارات لها أصل في الإسلام بإعطاء الطريق حقه وآدابه ؛
🌱وكذلك فإن حفظ النفس من الكليات التي جاء بها الإسلام ، فما وُضع من ضوابط لحفظ النفس فله أصل في هذا الدين العظيم .

مراعاة السلف لحق الطريق:

- عن الشعبي قال : ما جلس الربيع بن خثيم مجلسًا على ظهر الطريق قال : أخاف أن يُظلَم رجل فلا أنصره ، أو يعتدي رجل على آخر فأكلف عليه الشهادة ، أو يسلم علي فلا أرد السلام ، أو يقع عن حاملة حملها فلا أحمل عليها  .
وعن عبد الله بن الزبير  قال : المجالس حلق الشيطان : إن يروا حقًّا لا يقومون به ، وإن يروا باطلا فلا يدفعونه .
- عن أبي الدرداء قال : نعم صومعة المرء المسلم بيته ؛ يحفظ عليه سمعه وبصره ، وإياكم ومجالس السوق ، فإنها تلغي وتلهي  .


--------------------------------------------------



هذه الرسالة مختصرة من بحث موسع بعنوان آداب الطريق في الإسلام للباحث محمد إبراهيم حمود عطية .
https://www.google.com.sa/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiU38aNw_3NAhUKPxQKHd5yDcgQFggcMAA&url=http%3A%2F%2Fvb.tafsir.net%2Ftafsir33077%2F&usg=AFQjCNEGiLu1PNSg9LxsNxoKRy4e_QklcA&sig2=9jkkpsC9kDFVZrh06mSvbw

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

فتاوى العلماء في الاحتفال باليوم الوطني


💎اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية💎 

برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله 

من كتاب " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 

جمع الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الدويش ( 3 /88 ـ 89 ) 

من الطبعة الثالثة لمكتبة بلنسية بالرياض : 

( س : أنا إمام أحد المساجد في جدة ، وقد ألقيت خطبة في بعث الرسول صلى الله عليه وسلم وذكرت فيها أن الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة من البدع المستحدثة في الدين ، وفي الأسبوع الثاني كانت الخطبة في أسبوع المساجد وكان عنوان الخطبة عمارة المساجد وذكرت فيها العناية بالمساجد وتعميرها وفرشها مستنبطا ذلك من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد الصلاة تقدم إلي أحد المصلين قائلا " يا عمي الشيخ تحدثت إلينا في الأسبوع الماضي عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وذكرت أن الاحتفال به بدعة ، احب أن أسألك سؤالا :فقلت له تفضل أجيبك حسب الاستطاعة ، فقال ما هو حكم الشرع في الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعيد مولد الأطفال وعيد الأم وأسبوع الشجرة وأسبوع المرور واليوم الوطني للمملكة وأسبوع المساجد أليست بدعة ، فلماذا تحاربون الاحتفال بمولد الرسول مع العلم انه اعظم رجل عرفته البشرية جمعاء وهو أحق وأهل لذلك ولا تنكرون على هذه الاحتفالات الأخرى بل تشجعونها وخاصة انتم أيها السعوديون .فبينت له ذلك مستعينا بالله وقلت له : المقصود من أسبوع المساجد حث المسلمين على نظافتها والعناية بها ، فقال لي انظر إلى الشوارع آيات الله مكتوبة على الورق والقماش ويمزعها الهواء وترمى في الطرقات وأماكن القاذورات أليس هذا حراما وخاصة في أسبوع المساجد ، انظر يا عمي الشيخ إلى هذه القطعة من القماش مكتوب عليها : " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " مرمية في الحديقة ويصب عليها وايت النفايات : إنا لله وإنا إليه راجعون ..إنني انقل لكم كلام الشخص حرفيا حسب ما تكلم به علي ، وفعلا أخذت القطعة المكتوب عليها وغسلتها وأحرقتها .فقال لي يا عمي الشيخ أنا لا أريد منك شيئا إنما الذي أرجوه أن تتكلموا انتم يا خطباء المساجد وأصحاب الكلمة المسموعة ، ولكن انتم يا خطباء السعودية لا تستطيعون ذلك إذا قالت الحكومة هذا حرام قلتم حرام وإذا قالت هذا حلال قلتم حلال وأنت أول واحد تقول لي هذا عمل خيروتشجيع المسلمين إلى فعل الخير أنا لا يمكن اقنع بهذا الكلام إلا بفتوى شرعية من كبار العلماء ولا تنس يا شيخ إن الساكت عن الحق شيطان اخرس والسلام عليك . انتهى . >لذا أرجو الفتوى الشرعية في الأعياد المذكورة في الصفحة الأولى مفصلة وبالدليل لكل موضوع على حدة ( والله يحفظكم ) . 



جـ :الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله واله وصحبه .. وبعد : 

أولا : العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك فالعيد يجمع أمورا منها يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة ، 

ومنها الاجتماع في ذلك اليوم ، 

ومنها الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات . 

ثانيا ما كان من ذلك مقصودا به التنسك والتقرب او التعظيم كسبا للأجر 

، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، 

مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد 

وعيد الأم 

والعيد الوطني 

لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله وكما في ذلك التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ، 

ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار 


وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلا لمصلحة الأمة وضبط أمورها كأسبوع المرور وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل ونحو ذلك مما لا يفضي الى التقرب به والعبادة والتعظيم بالأصالة 

، فهو من البدع العادية التي لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم :


" من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فلا حرج فيه بل يكون مشروعا . 

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم . 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء 

نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي 

الرئيس : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز )

------------------------------------------------------------

[ الشيخ محمد بن إبراهيم ]

ويقول سماحة مفتي الديار السعودية فضيلة الشيخ محمد ابن إبراهيم-رحمه الله: 
" فالبدعي هو اتخاذ زمن عيدا لم يتخذه الشرع ولم يأذن فيه, لمفهوم قوله"عيدنا أهل الإسلام" وفي الحديث الآخر" هل كان فيهما عيدا من أعياد الجاهلية"

فأهل الجاهلية يعظمون أزمنة لمناسبات لها, ويعظمون أمكنة لمناسبات لهم, وكلها أو أكثرهاأو الكثير منها على تخيل جهلي و خرافة, والخالي من الخرافة من الأمور الجاهلية. وقد اتبع الجاهليةَ في تعظيم الأزمنة و الأمكنة كثير من أمة الدعوة وهي من قبور.. ومن تماثيل ومن أزمنة وقد يسمونها (الذكريات)جمع ذكرى, كل معظم يكون له ذكرى إما حوليةأو ماءوية أو ألفية, أو لأوقات جرى لمعظميهم فيها سرورمن تولية ورئاسة, يجعلون ذلك اليوم عيدا ..اهـ"

------------------------------------

(فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم ج3 ص46)

وفي برقية له رحمه الله قال فيها:

" صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله بلغني أن هناك يوما في السنة عند الموظفين والمدارس يسمى "يوم النظافة"وقد احتفل به في جدة. 
وأبدي لجلالتكم -حفظكم الله- أن تخصيص هذا اليوم الاحتفال به أمر لا يجيزه الشرع حيث يكون بصفة العيد.
ولا عيد لأهل الإسلام غير أعيادهم التي سنها الشرع, وما سواها فحدث باطل ينهى عنه الإسلام ويمنعه.. اهـ"
(فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم ج3 ص122)

------------------------------------------

أجزاء من فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في اليوم الوطني .... 

( 826 ـ العيد الوطني ) 

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :ـ فإن تخصيص يوم من أيام السنة بخصيصة دون غيره من الأيام يكون به ذلك اليوم عيداً ، علاوة على ذلك أنه بدعة في نفسه ومحرم وشرع دين لم يأذن به الله ، والواقع أصدق شاهد ، وشهادة الشرع المطهر فوق ذلك وأصدق ، إذ العيد اسم لما يعود مجيؤه ويتكرر سواء كان عائداً بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . 
............ 

وتعيين يوم ثالث من السنة للمسلمين فيه عدة محاذير شرعية .

" أحدها " المضاهاة بذلك للأعياد الشرعية .

" المحذور الثاني " : أنه مشابهة للكفار من أهل الكتاب وغيرهم في إحداث أعياد لم تكن مشروعة أصلاً ، وتحريم ذلك معلوم بالبراهين والأدلة القاطعة من الكتاب والسنة ، وليس تحريم ذلك من باب التحريم المجرد ، 

بل هو من باب تحريم البدع في الدين ، وتحريم شرع دين لم يأذن به الله كما يأتي إن شاء الله بأوضح من هذا ، وهو أغلظ وأفضع من المحرمات الشهوانية ونحوها . 

.............. 

" المحذور الثالث" : أن ذلك اليوم الذي عين الموطن الذي هو أول يوم من الميزان هو يوم المهرجان الذي هو عيد الفرس المجوس ، فيكون تعيين هذا اليوم وتعظيمه تشبهاً خاصاً ، وهو أبلغ في التحريم من التشبه العام . 

" المحذور الرابع " : ان في ذاك من التعريج على السنة الشمسية وإيثارها على السنة القمرية التي أولها المحرم ما لا يخفى ، ولو ساغ ذلك ـ وليس بسائغ البتة ـ لكان أول يوم من السنة القمرية أولى بذلك، 

وهذا عدول عما عليه العرب في جاهليتها وإسلامها ، ولا يخفى أن المعتبر في الشريعة المحمدية بالنسبة إلى عباداتها وأحكامها الفتقرة إلى عدد وحساب من عبادات وغيرها هي الأشهر القمرية ، 

...... 

" المحذور الخامس" أن ذلك شرع دين لم يأذن به الله ، فإن جنس العيد الأصل فيه أنه عبادة وقربة إلى الله تعالى ،مع ما اشتمل عليه مما تقدم ذكره ، 

وقد قال تعالى : أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله.))


------------------------------

[ الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

قال : " ويلتحق بهذا التخصيص والابتداع ما يفعله كثير من الناس من الاحتفال بالموالد وذكرى استقلال البلاد أو الاعتلاء على عرش الملك وأشباه ذلك فإن هذه كلها من المحدثات التي قلد فيها كثير من المسلمين غيرهم من أعداء الله وغفلوا عما جاء به الشرع المطهر من التحذير من ذلك والنهي عنه 
وهذا مصداق الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن " ، وفي لفظ آخر: " لتأخذن أمتي مأخذ الأمم قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، قالوا : يا رسول الله فارس والروم ؟ قال : فمن ؟ " ، والمعنى فمن المراد إلا أولئك
فقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من متابعة هذه الأمة إلا من شاء الله منها لمن كان قبلهم من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من الكفرة في كثير من أخلاقهم وأعمالهم حتى استحكمت غربة الإسلام وصار هدي الكفار وما هم عليه من الأخلاق والأعمال أحسن عند الكثير من الناس مما جاء به الإسلام 
وحتى صار المعروف منكرا والمنكر معروفا والسنة بدعة والبدعة سنة عند أكثر الخلق بسبب الجهل والإعراض عما جاء به الإسلام من الأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة المستقيمة فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ونسأل الله أن يوفق المسلمين للفقه في الدين وأن يصلح أحوالهم ويهدي قادتهم وأن يوفق علماءنا وكتابنا لنشر محاسن ديننا والتحذير من البدع والمحدثات التي تشوه سمعته وتنفر منه إنه على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن سلك سبيله واتبع سنته إلى يوم الدين . 

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 189 ) . 

------------------------------------------

[ محمد بن صالح بن عثيمين ]
المصدر: مجموع فتاوى ورسائل (16/191) 



السؤال:

ما رأي سماحتكم في الأعياد التي تقام الآن، لعيد الميلاد، والعيد الوطني، وغير ذلك ؟

الجواب:

أما عيد الميلاد: فإن كان المراد ميلاد عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، الذي يتخذه النصارى عبادة فإن إقامته للمسلم حرام بلا شك. وهو من أعظم المحرمات؛ 

لأنه تعظيم لشعائر الكفر، والإنسان إذا أقامه فهو على خطر.

وأما إذا كان المراد ميلاد كل شخص بنفسه، فهذا إلى التحريم أقرب منه إلى الكراهة، 

وكذلك إقامة أعياد المناسبات غير المناسبات الشرعية.

والمناسبات الشرعية للأعياد هي: فطر رمضان، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع، وهو يوم الجمعة.

------------------------------------

[ الشيخ صالح الفوزان ]

قال : ومن الأمور التي يجري تقليد الكفار فيها :
تقليدهم في أمور العبادات ، كتقليدهم في الأمور الشركية من البناء على القبور ، وتشييد المشاهد عليها والغلو فيها . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، وأخبر أنهم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه الصور ، وإنهم شرار الخلق ،
وقد وقع في هذه الأدلة من الشرك الأكبر بسبب الغلو في القبور ما هو معلوم لدى الخاص والعام وسبب ذلك تقليد اليهود والنصارى . 
ومن ذلك تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد عند مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وأعياد موالد الرؤساء والملوك ، وقد تسمى هذه الأعياد البدعية أو الشركية بالأيام أو الأسابيع – كاليوم الوطني للبلاد ،
ويوم الأم وأسبوع النظافة – وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية،
وكلها وافدة على المسلمين من الكفار ؛
وإلا فليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى ، وما عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار ، 
فيجب على المسلمين أن ينتبهوا لذلك ولا يغتروا بكثرة من يفعله ممن ينتسب إلى الإسلام وهو يجهل حقيقة الإسلام ، فيقع في هذه الأمور عن جهل ، أو لا يجهل حقيقة الإسلام ولكنه يتعمد هذه الأمور ، فالمصيبة حينئذ أشد ، { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً } الأحزاب/21 . 

من خطبة " الحث على مخالفة الكفار"


-----------------------------------------------------------------
تابع قناة مجمع الفوائد على التيليجرام
لنشر الفوائد الشرعية وبث المواعظ الأثرية.
https://goo.gl/Wwkq6O

الأحد، 14 سبتمبر 2014

رسالة [ الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ] كاملة

رسالة [ الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ] كاملة

للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي


الحمد لله الذي له الحمد كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.

أما بعد: فإن راحة القلب، وطمأنينته وسروره وزوال همومه وغمومه، هو المطلب لكل أحد، وبه تحصل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج، ولذلك أسباب دينية، وأسباب طبيعية، وأسباب عملية، ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين، وأما من سواهم، فإنها وإن حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه، فاتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حالاً ومآلاً.

ولكني سأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من الأسباب لهذا المطلب الأعلى، الذي يسعى له كل أحد.

فمنهم من أصاب كثيراً منها فعاش عيشة هنيئة، وحيى حياة طيبة، ومنهم من أخفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء، وحيي حياة التعساء. ومنهم من هو بين بين، بحسب ما وفق له. والله الموفق المستعان به على كل خير، وعلى دفع كل شر.

1- وأعظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } [ النحل : 97 ]

فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح، بالحياة الطيبة في هذه الدار، وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار.

وسبب ذلك واضح، فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة، معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج، وأسباب القلق والهم والأحزان.

يتلقون المحاب والمسار بقبول لها، وشكر عليها، واستعمال لها فيما ينفع، فإذا استعملوها على هذا الوجه. أحدث لهم من الابتهاج بها، والطمع في بقائها وبركتها، ورجاء ثواب الشاكرين، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمراتها.

ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته، وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه، والصبر الجميل لما ليس لهم منه بد، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة، والتجارب والقوة، ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمور عظيمة تضمحل معها المكاره، وتحل محلها المسار والآمال الطيبة، والطمع في فضل الله وثوابه، كما عبر النبي عن هذا في الحديث الصحيح أنه قال : « عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن » [رواه مسلم].

فأخبر أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره. لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أو الشر فيتفاوتان تفاوتاً عظيماً في تلقيها، وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح. هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما، فيحدث له السرور والابتهاج، وزوال الهم والغم، والقلق، وضيق الصدر، وشقاء الحياة وتتم له الحياة الطيبة في هذه الدار. والآخر يتلقى المحاب بأشرٍ وبطرٍ وطغيان. فتنحرف أخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع، ومع ذلك فإنه غير مستريح القلب، بل مُشَتِّته من جهات عديدة، مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته، ومن كثرة المعارضات الناشئة عنها غالباً، ومن جهة أن النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقة لأمور أخرى، قد تحصل وقد لا تحصل، وإن حصلت على الفرض والتقدير فهو أيضاً قلق من الجهات المذكورة ويتلقى المكاره بقلق وجزع وخوف وضجر، فلا تسأل عن ما يحدث له من شقاء الحياة، ومن الأمراض الفكرية والعصبية، ومن الخوف الذي قد يصل به إلى أسوأ الحالات وأفظع المزعجات، لأنه لا يرجو ثواباً. ولا صبر عنده يسليه ويهون عليه.

وكل هذا مشاهد بالتجربة، ومثل واحد من هذا النوع، إذا تدبرته ونزلته على أحوال الناس، رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى إيمانه، وبين من لم يكن كذلك، وهو أن الدين يحث غاية الحث على القناعة برزق الله، وبما آتى العباد من فضله وكرمه المتنوع.

فالمؤمن إذا ابتلي بمرض أو فقر، أو نحوه من الأعراض التي كل أحد عرضة لها، فإنه - بإيمانه وبما عنده من القناعة والرضى بما قسم الله له - يكون قرير العين، لا يتطلب بقلبه أمراً لم يقدر له، ينظر إلى من هو دونه، ولا ينظر إلى من هو فوقه، وربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو متحصل على جميع المطالب الدنيوية، إذا لم يؤت القناعة.

كما تجد هذا الذي ليس عنده عمل بمقتضى الإيمان، إذا ابتلي بشيء من الفقر، أو فقد بعض المطالب الدنيوية، تجده في غاية التعاسة والشقاء.

ومثل آخر: إذا حدثت أسباب الخوف، وألمت بالإنسان المزعجات، تجد صحيح الإيمان ثابت القلب، مطمئن النفس، متمكناً من تدبيره وتسييره لهذا الأمر الذي دهمه بما في وسعه من فكر وقول وعمل، قد وطن نفسه لهذا المزعج الملم، وهذه أحوال تريح الإنسان وتثبت فؤاده.

كما تجد فاقد الإيمان بعكس هذه الحال إذا وقعت المخاوف انزعج لها ضميره، وتوترت أعصابه، وتشتت أفكاره وداخله الخوف والرعب، واجتمع عليه الخوف الخارجي، والقلق الباطني الذي لا يمكن التعبير عن كنهه، وهذا النوع من الناس إن لم يحصل لهم بعض الأسباب الطبيعية التي تحتاج إلى تمرين كثير إنهارت قواهم وتوترت أعصابهم، وذلك لفقد الإيمان الذي يحمل على الصبر، خصوصاً في المحال الحرجة، والأحوال المحزنة المزعجة.

فالبر والفاجر، والمؤمن والكافر يشتركان في جلب الشجاعة الأكتسابية، وفي الغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها، ولكن يتميز المؤمن بقوة إيمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه، واحتسابه لثوابه ـ أموراً تزداد بها شجاعته، وتخفف عنه وطأة الخوف، وتهون عليه المصاعب، كما قال تعالى : { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون } [ النساء : 104 ]
ويحصل لهم من معونة الله ومعينه الخاص ومدده ما يبعثر المخاوف. وقال تعالى : { واصبروا إن الله مع الصابرين } [ الأنفال : 46 ].

2- ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق، الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وأنواع المعروف، وكلها خير وإحسان، وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب، ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب لثوابــه.

فيُهَون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من الخير، ويدفع عنه المكاره بإخلاصه واحتسابه، قال تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } [ النساء : 114 ].

فأخبر تعالى أن هذه الأمور كلها خير ممن صدرت منه. والخير يجلب الخير، ويدفع الشر. وأن المؤمن المحتسب يؤتيه الله أجراً عظيماً ومن جملة الأجر العظيم: زوال الهم والغم والأكدار ونحوها.

3- ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب، واشتغال القلب ببعض المكدرات: الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة. فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه. وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، ففرحت نفسه، وازداد نشاطه، وهذا السبب أيضاً مشترك بين المؤمن وغيره. ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه، وبعمل الخير الذي يعمله، إن كان عبادة فهو عبادة، وإن كان شغلاً دنيوياً أو عادةً أصحبها النية الصالحة. وقصد الاستعانة بذلك على طاعة الله، فلذلك أثره الفعال في دفع الهم والغموم والأحزان، فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار، فحلت به الأمراض المتنوعة، فصار دواؤه الناجع ( نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته ).

وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه، فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع، والله أعلم.

4- ومما يدفع به الهم والقلق إجتماع الفكر كله على الإهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الإهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا « استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن » ، في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، فلا ينفع الحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا إستدراكها وقد يضر الهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل، فعلى العبد أن يكون ابن يومه، يجمع جده واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر، فإن جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال، ويتسلى به العبد عن الهم والحزن. والنبي إذا دعا بدعاء أو أرشد أمته إلى دعاء فإنما يحث مع الاستعانة بالله والطمع في فضله على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو بحصوله. والتخلي عما كان يدعو لدفعه لأن الدعاء مقارن للعمل، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا، ويسأل ربه نجاح مقصده. ويستعينه على ذلك، كما قال : « احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان » [رواه مسلم]، فجمع بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال. والاستعانة بالله وعدم الإنقياد للعجز الذي هو الكسل الضار وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة، ومشاهدة قضاء الله وقدره.

وجعل الأمور قسمين: قسماً يمكن العبد السعي في تحصيله أو تحصيل ما يمكن منه، أو دفعه أو تخفيفه فهذا يبدي فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده. وقسماً لا يمكن فيه ذلك، فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويسلم، ولا ريب أن مراعاة هذا الأصل سبب للسرور وزوال الهم والغم.

5- ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته (الإكثار من ذكر الله) فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همه وغمه، قال تعالى: { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } [ الرعد : 28 ] ، فلذكر الله أثر عظيم في حصول هذا المطلوب لخاصيته، ولما يرجوه العبد من ثوابه وأجره.

6- وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم، ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا. فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه - التي لا يحصى لها عد ولا حساب - وبين ما أصابه من مكروه، لم يكن للمكروه إلى النعم نسبة.

بل المكروه والمصائب إذا ابتلى الله بها العبد، وأدى فيها وظيفة الصبر والرضى والتسليم، هانت وطأتها، وخفت مؤنتها، وكان تأميل العبد لأجرها وثوابها والتعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضى، يدع الأشياء المرة حلوة فتنسيه حلاوةُ أجرها مرارة صبرها.

7- ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع استعمال ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال : « انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم » [رواه البخاري] ، فإن العبد إذا نصب بين عينيه هذا الملحظ الجليل رآه يفوق جمعاً كثيراً من الخلق في العافية وتوابعها، وفي الرزق وتوابعه مهما بلغت به الحال، فيزول قلقه وهمه وغمه، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله التي فاق فيها غيره ممن هو دونه فيها.

وكلما طال تأمل العبد بنعم الله الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، رأى ربه قد أعطاه خيراً ودفع عنه شروراً متعددة، ولا شك أن هذا يدفع الهموم والغموم، ويوجب الفرح والسرور.

8- ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، وأن ذلك حمق وجنون، فيجاهد قلبه عن التفكر فيها وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله، مما يتوهمه من فقر أو خوف أو غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته. فيعلم أن الأمور المستقبلة مجهول ما يقع فيها من خير وشر وآمال وآلام، وأنها بيد العزيز الحكيم، ليس بيد العباد منها شيء إلا السعي في تحصيل خيراتها، ودفع مضراتها، ويعلم العبد أنه إذا صرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره، واتكل على ربه في إصلاحه، واطمأن إليه في ذلك، إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحت أحواله، وزال عنه همه وقلقه.

9- ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به : « اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر » [رواه مسلم]. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينْ وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت » [رواه أبو داود بإسناد صحيح]. فإذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده فيما يحقق ذلك، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له، وانقلب همه فرحاً وسروراً.

10- ومن أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد شئ من النكبات، أن يسعى في تخفيفها بأن يقّدِر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وبهذا السعي النافع، تزول همومه وغمومه، ويكون بذل ذلك السعي في جلب المنافع، وفد دفع المضار الميسورة للعبد.

فإذا حلت به أسباب الخوف، وأسباب الأسقام، وأسباب الفقر والعدم لما يحبه من المحبوبات المتنوعة، فليتلق ذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها، بل على أشد ما يمكن منها، فإن توطين النفس على احتمال المكاره، يهونها ويزيل شدتها، وخصوصاً إذا أشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره، فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغل عن الإهتمام بالمصائب، ويجاهد نفسه على تجديد قوة المقاومة للمكاره، مع إعتماده في ذلك على الله وحسن الثقة به ولا ريب أن لهذه الأمور فائدتها العظمى في حصول السرور وانشراح الصدور، مع ما يؤمله العبد من الثواب العاجل والآجل، وهذا مشاهد مجرب، ووقائعه ممن جربه كثيرة جداً.

11- ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضاً للأمراض البدنية: قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة. والغضب والتشوش من الأسباب المؤلمة ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحاب، أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية، والانهيار العصبي الذي له آثاره السيئة التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة.

12- ومتى اعتمد القلب على الله، وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة، ووثق بالله وطمع في فضله، اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم، وزالت عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه، فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسدة، وكم أثَّرت هذه الأمور على قلوب كثيرين من الأقوياء، فضلاً عن الضعفاء، وكم أدت إلى الحمق والجنون، والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلب، الدافعة لقلقه، قال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } [ الطلاق : 3 ] ، أي كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه.

فالمتوكل على الله قوي القلب لا تؤثر فيه الأوهام، ولا تزعجه الحوادث لعلمه أن ذلك من ضعف النفس، ومن الخور والخوف الذي لا حقيقة له، ويعلم مع ذلك أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة، فيثق بالله ويطمئن لوعده، فيزول همه وقلقه، ويتبدل عسره يسراً، وترحه فرحاً [الترح: الحزن]، وخوفه أمناً، فنسأله تعالى العافية وأن يتفضل علينا بقوة القلب وثباته، وبالتوكل الكامل الذي تكفل الله لأهله بكل خير، ودفع كل مكروه وضير [الضير: الضرر].

13- وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر » [رواه مسلم]، فائدتان عظيمتان:

إحداهما: الإرشاد إلى معاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل، وكل من بينك وبينه علاقة واتصال، وأنه ينبغي أن توطن نفسك على أنه لا بد أن يكون فيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه، فإذا وجدت ذلك، فقارن بين هذا وبين ما يجب عليك أو ينبغي لك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة، بتذكر ما فيه من المحاسن، والمقاصد الخاصة والعامة، وبهذا الإغضاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن، تدوم الصحبة والاتصال وتتم الراحة وتحصل لك.

الفائدة الثانية: وهي زوال الهم والقلق، وبقاء الصفاء، والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة: وحصول الراحة بين الطرفين، ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم - بل عكس القضية فلحظ المساوئ، وعمي عن المحاسن -، فلابد أن يقلق، ولابد أن يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة، ويتقطع كثير من الحقوق التي على كلٍ منهما المحافظة عليها.

وكثير من الناس ذوي الهمم العالية يوطنون أنفسهم عند وقوع الكوارث والمزعجات على الصبر والطمأنينة. لكن عند الأمور التافهة البسيطة يقلقون، ويتكدر الصفاء، والسبب في هذا أنهم وطنوا نفوسهم عند الأمور الكبار، وتركوها عند الأمور الصغار فضرتهم وأثرت في راحتهم، فالحازم يوطن نفسه على الأمور القليلة والكبيرة ويسأل الله الإعانة عليها، وأن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، فعند ذلك يسهل عليه الصغير، كما سهل عليه الكبير. ويبقى مطمئن النفس ساكن القلب مستريحاً.

14- العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرة جداً، فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة، فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهباً للهموم والأكدار، ولا فرق في هذا بين البر والفاجر، ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الأوفر، والنصيب النافع العاجل والآجل.

15- وينبغي أيضاً إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم، واضمحلال ما أصابه من المكاره.

وكذلك يقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منها فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية وبذلك يزول همه وخوفه، ويقدر أعظم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن أن تصيبه، فيوطن نفسه لحدوثها إن حدثت، ويسعى في دفع ما لم يقع منها وفي رفع ما وقع أو تخفيفه.

16- ومن الأمور النافعة أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصاً في الأقوال السيئة، لا تضرك بل تضرهم، إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها، وسوغت لها أن تملك مشاعرك، فعند ذلك تضرك كما ضرتهم، فإن أنت لم تضع لها بالاً لم تضرك شيئاً.

17- واعلم أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكاراً فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة. وإلا فالأمر بالعكس.

18- ومن أنفع الأمور لطرد الهم أن توطن نفسك على أن لا تطلب الشكر إلا من الله، فإذا أحسنت إلى من له حق عليك أو من ليس له حق، فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله. فلا تبال بشكر من أنعمت عليه، كما قال تعالى في حق خواص خلقه : { إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً } [ الإنسان : 9 ].

ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد ومن قوة اتصالك بهم فمتى وطنت نفسك على إلقاء الشر عنهم، فقد أرحت واسترحت، ومن دواعي الراحة أخذ الفضائل والعمل عليها بحسب الداعي النفسي دون التكلف الذي يقلقك، وتعود على أدراجك خائباً من حصول الفضيلة، حيث سلكت الطريق الملتوي، وهذا من الحكمة، وأن تتخذ من الأمور الكَدِرَة أموراً صافية حلوة وبذلك يزيد صفاء اللذات، وتزول الأكدار.

19- إجعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها، ولا تلتفت إلى الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة وإجماع النفس على الأعمال المهمة.

20- ومن الأمور النافعة حسم الأعمال في الحال، والتفرغ في المستقبل لأنّ الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حسمت كل شيء بوقته أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.

21- وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم فالأهم، وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السآمة والملل والكدر، واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة، فما ندم من استشار، وادرس ما تريد فعله درساً دقيقاً، فإذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.

والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

مختصر 'الوسائل المفيدة للحياة السعيدة'

💫[ الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ]💫

👇فوائد منتقاة من رسالة للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعديّ رحمه الله بالعنوان السابق 👇

1- 🔹راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه، هو المطلب لكل أحد، وبه تحصل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج، ولذلك أسباب دينية، وأسباب طبيعية، وأسباب عملية، ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين.

2- 🔸وأعظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو: الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

3- 🔹المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره.
لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أوالشر، فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها، وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح.

4- 🔸ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق: الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وأنواع المعروف. وكلها خير وإحسان، وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب.

5-🔹 ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب، واشتغال القلب ببعض المكدرات: الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة، فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه، وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، ففرحت نفسه، وازداد نشاطه .

6- 🔸فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار، فحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواؤه الناجع: (نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته) .

7- 🔹ومما يدفع به الهم والقلق: اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن.

8-🔸 ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته: (الإكثار من ذكر الله) فإن لذلك تأثيرا عجيبا في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همه وغمه، قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}

9- 🔹وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم الغم، ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا.

10- 🔸ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع: استعمال ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال: «انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم".

11- 🔹ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم: السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، وأن ذلك حمق وجنون.

12- 🔸ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور: استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر».

13- 🔹ومن أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد من النكبات: أن يسعى في تخفيفها بأن يقدر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وبهذا السعي النافع، تزول همومه وغمومها.

14- 🔸ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضا للأمراض البدنية: قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة.

15- 🔹ومتى اعتمد القلب على الله، وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة، ووثق بالله وطمع في فضله- اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم .

16- 🔸في حديث [ لا يفرك (يبغض) مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر "
فيه فائدتان:
الأولى: الإرشاد إلى معاملة الزوجة والقريب ، وكل من بينك وبينه اتصال بالإحسان, وأنه ينبغي أن توطن نفسك على أنه لابد أن يكون فيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه؛ فإذا وجدت ذلك، فقارن بين هذا وبين ما يجب عليك أو ينبغي لك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة بتذكر ما فيه من المحاسن ، وبهذا تدوم الصحبة وتتم الراحة .

17- 🔹الثانية: زوال الهم والقلق، وبقاء الصفاء، والمداومة [يكون] على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وحصول الراحة بين الطرفين، ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بل عكس القضية فلاحظ المساوئ، وعمي عن المحاسن، فلا بد أن يقلق . 

18- 🔸العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة، وأنها قصيرة جدا، فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة، فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهبا للهموم والأكدار، ولا فرق في هذا بين البر والفاجر، ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الأوفر، والنصيب النافع العاجل والآجل.

19- 🔹وينبغي أيضا إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم، واضمحلال ما أصابه من المكاره.

20- 🔸وكذلك يقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منها، فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية، وبذلك يزول همه وخوفه، ويقدر أعظم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن أن تصيبه، فيوطن نفسه لحدوثها إن حدثت، ويسعى في دفع ما لم يقع منها وفي رفع ما وقع أو تخفيفه.

21- 🔹واعلم أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكارا فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة، وإلا فالأمر بالعكس. 

22- 🔸ومن الأمور النافعة: حسم الأعمال في الحال والتفرغ في المستقبل؛ لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حسمت كل شيء بوقته أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.
----------
انتقاها محمد الإسحاقي 

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

براءة السلفية من داعش الخارجية

[  براءة السلفية من داعش الخارجية ]

هل لمنهج الخوارج كداعش وغيرها صلة من قريب أو بعيد بدعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الدعوة السلفية ؟

الجواب :
أن " ربط الجماعات الغالية بالدعوة السلفية كالجمع بين الضب والنون
لكنها موجةٌ ركبها أخلاطٌ شتى
والقاسم المشترك بينها: الحقد أو الجهل المركب"

وفيما يلي بيان كذب هذه الدعوى :

- " حمل حاتم الشريف في مقال له متشنج على كتاب #الدرر_السنية [وهو جمع لرسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه وفي مقدمتها: بيان التوحيد الذي جاءت به الرسل] ، واصما إياه بنشر الغلو في التكفير و" الدعشنة "!

حتى إنه ليخيل للجاهل به أنه يقطر سما ،
فدعونا نتأمل في هذا الكتاب بإنصاف وهدوء؛ لنرى صدق دعوى الشريف وهل هو حقا كتاب حمل نفَسا غاليا في مسائل التكفير أم كان يقررها بتوسط واعتدال؟

- هل الذي أخرج لنا "داعش" قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب:
المعيّن لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة .. إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا من شيء يُعذر به، فهو كافر.
الدرر السنية 10-69

- أم هو هذا النص:
إنما نُكفر من أشرك بالله في إلهيته، بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك ..
الدرر السنية 10-128

- أم هو هذا النص:
"نكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه وكذلك من عبد الأوثان بعدما عرف أنها دين المشركين، وزينه للناس فهذا الذي أكفره، وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء، إلا رجل معاند أو جاهل".
الدرر السنية 10-131

- أم هو هذا النص:
"إذا كان يعمل بالكفر والشرك، لجهله، أو عدم من ينبهه؛ لا نحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة".
الدرر السنية 10-136

- أم هو هذا النص:
"إذا فعل الإنسان الذي يؤمن بالله ورسوله ما يكون فعله كفرا،أو اعتقاده كفرا؛جهلا منه بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يكون عندنا كافرا، ولا نحكم عليه بالكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، التي يكفر من خالفها .."
الدرر السنية 10-239

- أو هذا النص:
"كل من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة بالرسول صلى الله عليه وسلم،ولكن الجاهل يحتاج إلى من يعرفه بذلك من أهل العلم".
درر10-240

- أو لعله هذا النص:
"فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم -بحيث يحكم عليه بأنه مع الكفار- لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة بالرسالة".
الدرر السنية 10-248

[وأنبه إلى أن النقولات السابقة واللاحقة بعضها للشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعضها لغيره]

- وربما "الدعشنة" انبعثت من هذا النص:
"في أزمنة الفترات وغلبة الجهل لا يكفر الشخص المعين بذلك حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة،ويبين له".
درر10-274

- وقد يكون هذا النص:
"ولا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، بعد قيام الحجة عليه".
الدرر السنية 10-471

- أو هذا النص:
"ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان.
وأيضا: نكفره بعد التعريف؛ إذا عرف وأنكر".
الدرر السنية 1-102

- أو هذا:
"ونحن لا نكفر إلا من عرف التوحيد وسبّه وسماه دين الخوارج، وعرف الشرك وأحبه وأهله ودعى إليه وحض الناس عليه بعدما قامت عليه الحجة وإن لم يفعل الشرك، أو فعل الشرك وسماه التوسل بالصالحين؛ بعدما عرف أن الله حرمه".
الدرر السنية 1-264

- أو هذا:
"فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم ممن يعبد الأولياء والصالحين: نحكم بأنهم مشركون، ونرى كفرهم؛ إذا قامت عليهم الحجة الرسالية".
الدرر 1-522

هذه نقول يسيرة، وبين يدي غيرها كثير.

والمقصود ضرب أمثلة على تجني حاتم الشريف على كتاب الدرر السنية وأئمة الدعوة، 
فهذه تقريرات أئمة الدعوة - من الشيخ محمد بن عبدالوهاب فمن بعد؛ من أبنائه وأحفاده وتلاميذه وتلاميذهم -في التكفير: أين تهيئة المناخ فيها للدعشنة؟!

وأما الأجنبي عن هذه المدرسة السلفية الصافية فلجهله: يشغب بكلام لهم في وقائع معينة لها خلفياتها، ولهم فيها اجتهادهم في تحقيق المناط ويعرض عن هذا التأصيل الواضح المحكم وليس هذا شأن المتجرد لطلب الحق فليشفق هذا المسكين على نفسه وليتذكر الحديث: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) ..

ويا ليت أن الناقد لأئمة الدعوة في قضية التكفير يطرح التقية ويوضح لنا أولا:
من هو المشرك عنده؟
ومتى يكفر؟
وما حكم دعاء غير الله عنده؟

وأظنه إن أجاب بصدق فسيتضح أن خصومته ليست مع أئمة الدعوة فحسب
بل مع علماء أهل السنة قاطبة؛ سابقا ولاحقا .
كفى الله أهل التوحيد شر أعدائهم.


( تغريدات للشيخ د. صالح سندي - أستاذ العقيدة المشارك في الجامعة الإسلامية - بتصرف )

---------------------------
تابع قناة مجمع الفوائد على التيليجرام
لنشر الفوائد الشرعية وبث المواعظ الأثرية.
https://goo.gl/Wwkq6O

السبت، 23 أغسطس 2014

سمات دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب


💎 ﻣﺎ ﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ/ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫﺎﺏ❓❕
📝 

🔺ﻣﺎ ﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫﺎﺏ؟.

🔹ﺝ: ﺇﻧﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓٌ ﻣﺸﺮﻗﺔٌ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺍﻟﻨَّﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺰﻝ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻋﺮفه ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗَﻔﺸُﻮﺍ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ.

🔹ﺇﻧﻬﺎ ﺛﻮﺭﺓ...
◀ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ، ﺇﻧﻬﺎ ﺻﻮﺕٌ ﺭﺍﻋﺪٌ ﺃﺫﻛﻰ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔَ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻭﺃﻟﻬﺐ ﺍﻟﻐﻴﺮﺓَ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ؛ ﻓﺄﻳﻘﻆ ﻋﻘﻮلاً ﻧﺎﻋﺴﺔ، ﻭﻧﺒَّﻪَ هِمماً ﻣﺘﺪﻧِّﻴﺔ.

✳ ﺧﻼﺻﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ:
⏪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﺰﻳﺰاً ﺑﺮﺑﻪ،
🔸ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺬﻝ ﺇﻻ ﻟﻪ،
🔸ﻭﻻ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺇﻻ ﻣﻨﻪ،
🔸ﻭﻻ ﺍﻟﻔﺰﻉ ﺇﻻ ﺇﻟﻴﻪ،
🚫 ﻓﺄﻛﺒﺮُ ﺟﻨﺎﻳﺔٍ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ.


👈 ﺇﻧﻬﺎ ﺩﻋﻮﺓٌ ﺗﺄﺑﻰ ﺍلإﺑﺘﺪﺍﻉَ ﺃﺷﺪ ﺍﻹﺑﺎﺀ،
👈 ﻭﺗﺤﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﺔ،
✨ ﻭﺗﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺪﻳﻦَ ﺃﺟﻞُّ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋُﺮﺿﺔً ﻟﻤﺰﺟﻪ ﺑﺎﻵﺭﺍﺀ، ﺃﻭ ﺗُﺸﻮِّﻩ ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ ﺑﺎﻷﻫﻮﺍﺀ.


💠 ﻟﻘﺪ ﺃَﺭﺳﺖ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ.
🔗 ﻓﻘُﻌِّﺪﺕ ﻗﻮﺍﻋﺪﻩ، ﻭﺿُﺒﻄﺖ ﺿﻮﺍﺑﻄﻪ، ﻭﺑُﻴﻨﺖ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻷﺭﻛﺎﻥ، ﻭﺫُﻛﺮﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﺳﻴﻢ ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﻉ، 〽 ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺪﻭﻧﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ.

↩ ﻛﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻬﺎ ﺑﺄﺻﻞ ﺃﺻﻴﻞ، ﻭﻗَﺎﻋﺪﺓ ﺭﺍﺳﺨﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ؛ ﺃﻻ ﻭﻫﻲ:
🚫 ﺳد ﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻙ 🚫
🌹ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺟﻨﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ 👍

ﻓﺄﺑﺪﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺃﻋﺎﺩﺕ، ﻭﻭﺿﺤﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﻹﻳﻀﺎﺡ.

🔄 ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺭﻛﺰﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺗﻴﻦ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ:
1⃣ ﺃﻥّ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻳُﻌﺮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﻖ ✅
↩ ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﻖ ﻳُﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎﻝ🔺

2⃣ ﻭﺃﻥّ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺤﻖ🔺
↩ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﺎ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﻮﺣﻲ 👍.

💫 ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ:
ﺇﻧﻬﺎ ﺩﻋﻮﺓٌ ﻓﺮﻳﺪﺓ؛ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻭﻗﺮﺃﺕ ﺍﻟﺤﺎﻝ؛ ﻓﻌﺮﻓﺖ ﺍﻟﺪَّﺍﺀ؛ ﻓﺸﺨَّﺼﺖ ﺍﻟﺪَّﻭﺍﺀ.

ﻭﻣﻦ ﻣﻤﻴﺰﺍﺗﻬﺎ ⭐ ﺃنها ﺗﺠﺮﺩﺕ ﻋﻦ ﺃﻱ ﻫﻮﻯ ﺃﻭ ﻋﺼﺒﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﺑﻘﻴﺎﺩﺍﺕٍ ﺃﻭ ﺗﺤﺰﺑﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ 🚫
👈 ﺑﻞ ﺭﺑّﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺩ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ، ﻓﻮﺣَّﺪﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ 🌸

🔹ﻓﺄﺻﻞُ "ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﺍﺓ" ﺳﻤﺔٌ ﺑﺎﺭﺯﺓ ﻓﻴﻬﺎ، ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻘﻮﺩﺍً ﺇﻻ ✨ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺤﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺒﻐﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ،
✳ ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻭﺛﻖ ﻋﺮﻯ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ✳


ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺛﻤَّﺔ ﺩﻋﺎﺓ ﻟﻠﺘﻮﺣﻴﺪ ﻗَﺒﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﻓﻲ ﺍﺑﺘﺪَﺍﺋﻬﺎ ﻭﺑﻌﺪ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ، ﻟﻜﻦ ﺧﺎﺻﻴﺘﻬﺎ:
◀ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺤﺰﻡ ﻭﺍﻟﻮﺿﻮﺡ.
ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﻳﻘَﺎﻝ: ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ🔸ﻓﺄﻋﻄﺖ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ، ﻭﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﻀَّﻼﻝ ﻓﻲ ﻣﺤﻠِﻬﻤﺎ ﺑﺪﻗَﺔ، ﻭﻭﺻﻔﺘﻬﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺇِﻋﺠﺎﻡ.

❗ﻭﻣﻦ ﺗﻬﻮﻳﺶ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ:
🔺ﻟﻤﺰﻫﻢ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﺇﻻ ﻧﻔﺴﻬﺎ!.
🔹ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺃﻧﻬﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﻟِﺬﺍ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻧﻘﻞَ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ الأربعة.

🔗 ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫﺎﺏ: "ﺃﻧﺎ ﺃﺧﺎﺻﻢ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺑﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ؛ ﻛُﻼً ﺃﺧﺎﺻﻤﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻣﺬﻫﺒﻪ".

💫ﻭﻣﻦ ﻧُﺼﺮﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ: ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﺑﻬﺎ ﺃﺣﺪٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺼﻔﻴﻦ -ﻗَﺮُﺏ ﺃﻭ ﺑﻌُﺪ- ﺇﻻ ﻭﺗﺄﺛﺮ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﺃﻳّﺪﻫﺎ.
🔗 ﻗﺎﻝ ﻣﺆﺭﺥ ﻣﺼﺮ: ﺍﻟﺠﺒﺮﺗﻲ -ﺑﻌﺪ ﻧَﻘﻞٍ ﻋﻨﻬﺎ-: "ﻓﻬﺬﺍ ﻣﺎ ﻧﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻧﺤﻦ ﺃيضاً، ﻭﻫﻮ ﺧﻼﺻﺔ ﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺭﻗﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺼﺒﻴﻦ".  [ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻵﺛﺎﺭ: ج: (٣). ص: (٤٠٣).

⏪ ﻭﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻬﺎ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ/ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ، ﻭﺍﺑﻨﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻭﺍﺑﻨﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ،
🔹ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺻﻔﺤﺔً ﻣﺸﺮﻗﺔً ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ.

💠 وﺃﺧﻴﺮﺍً...
ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻬﻼﻟﻲ، ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ: 

ﻧﺴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻫَّﺎﺏِ ﺧﻴﺮَ ﻋﺒﺎﺩة * ﻳﺎ ﺣﺒﺬﺍ ﻧﺴﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏِ
ﺃﻛﺮﻡ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻗﺔٍ ﺳﻠﻔﻴﺔٍ * ﺳَﻠﻜَﺖْ ﻣﺤﺠﺔَ ﺳُﻨﺔٍ ﻭﻛﺘﺎبِ

 جملة تغريدات للشيخ د. صالح سندي
 🍀 🌸 🍀 🌸 🍀
_____________

الجمعة، 22 أغسطس 2014

مخالفة المشركين في الحج


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن قطب رحى الشريعة ومقصدها الأسمى: إخلاص الدين لله، وعبادته وحده لا شريك له، وسد الذرائع إلى الشرك دقه وجله؛ فهذا أصل دين المرسلين، وحقيقة توحيد رب العالمين.

والحج إلى بيت الله الحرام يتجلى فيه هذا المقصد بوضوح؛ إذ التوحيد لحمة الحج وسداه، وغايته ومبتدأه ومنتهاه؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالمقصود من الحج: عبادة الله وحده في البقاع التي أمر بعبادته فيها؛ ولهذا كان الحج شعار الحنيفية، حتى قال طائفة من السلف: (حنفاء لله) أي: حجاجا)[1].

وصدق رحمه الله؛ فارتباط الحج بالتوحيد ارتباط وثيق؛ وكفى دليلا على ذلك أن البيت العتيق الذي يؤمه الحجاج إنما رُفع على أساس متين من التوحيد الخالص؛ قال تعالى: (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا) قال ابن عطية: (أي هذا كان الشرط على أبيكم فمن بعده)[2].

ولهذا فإن الحجاج حقا ليسوا إلا أهل التجريد والتوحيد؛ قال تعالى: (ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهم يؤمون بيته ويبتغون فضلا من ربهم ورضوانا، لا يرغبون إلى غيره، ولا يرجون سواه، ولا يخافون إلا إياه)[3].

ولذا فإن الحاج لا يضع قدمه الأولى في هذه العبادة الجليلة إلا وقد رفع صوته بإعلان إخلاصه الدين لله، وثباته على هذا العهد المتين: "لبيك لا شريك لك لبيك".

هذا وإن تحقيق التوحيد في عبادة الحج له صور كثيرة؛ من أهمها: القصد إلى مخالفة المشركين.

وهذه القضية لها دلائل كثيرة؛ حتى أضحت من مقاصد الحج البينة، ودروسه الواضحة، قال ابن القيم رحمه الله: (الشريعة قد استقرت –لا سيما في المناسك- على قصد مخالفة المشركين)[4].

إن المتأمل في هدي النبي عليه الصلاة والسلام في المناسك ليتبين له بوضوح أنه كان متجافيا عن مشابهة المشركين، مبديا مخالفتهم، وما ذاك إلا لأن مشابهتهم أساس الشر ومكمن البلاء، وما أحسن قول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: (أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي: التشبه بالكافرين)[5].

فالحكمة كل الحكمة أن يتميز الهدى عن الضلال، والخير عن الشر، والعلم عن الجهل، والنور عن الظلام.

ولقد أعلن النبي عليه الصلاة والسلام هذا المبدأ العظيم في خطبة عرفة –أعظم مجمع ديني، وأشرف منتدى إسلامي- حين قال: (ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع)[6].

قال أبو العباس ابن تيمية: (هذا يدخل فيه ما كانوا عليه من العادات والعبادات)[7].

والمقصود بذلك –فيما يتعلق بالمناسك-: ما أحدثوه وغيروه من شريعة إبراهيم عليه السلام وسنته في الحج؛ فتحرم مشابهتهم فيه، دون ما كان مشروعا في ديننا وهم يوافقوننا عليه، مع أنه لا مطابقة بيننا وبينهم في هذا أيضا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإنا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله، مع أن الله لم يأمرنا بشيء يوافقونا عليه إلا ولا بد فيه من نوع مغايرة يتميز بها دين الله المحكم مما قد نُسخ وبُدّل)[8].

وشواهد قصد مخالفة المشركين في الحج كثيرة، أسوق جملة منها فيما يأتي:

1- كان إهلال المشركين إهلالا شركيا: "لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك"؛ فخالفهم عليه الصلاة والسلام في ذلك ولبى بالتوحيد؛ فأعلن أنه لا شريك له –سبحانه- في إجابة هذه الدعوة –بل وسائر العبادات- كما لم يكن له شريك في الحمد والنعمة والملك.

2- كان طائفة من المشركين –قريش ومن والاها، وكانوا يسمون: الحمس- يقفون بطرف الحرم من جهة نمرة، ومنه يفيضون إلى مزدلفة، وقالوا: نحن أهل الحرم فلا نخرج منه. فخالفهم عليه الصلاة والسلام؛ فوقف بعرفة وأفاض منها.

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فقد رأينا كل مكان أعرض المشركون عن النسك     فيه أوجب الله النسك فيه)[9].

3-   كان المشركون يفيضون من عرفة قبل الغروب؛ فخالفهم عليه الصلاة والسلام فدفع بعد الغروب.

4- كان المشركون يدفعون من مزدلفة بعد شروق الشمس؛ فخالفهم عليه الصلاة والسلام فدفع قبل الشروق. قال عمر رضي الله عنه: (إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير؛ فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل أن تطلع الشمس)[10].

5- كان المشركون يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض[11]، فخالفهم عليه الصلاة والسلام؛ حيث اعتمر وأمر بالعمرة فيها.

6- أخرج البخاري في صحيحه[12] أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على امرأة من أحمس فرآها لا تكلم، وأُخبر أنها حجت مصمتة؛ فقال لها: (تكلمي؛ فإن هذا لا يحل؛ هذا من عمل الجاهلية). قال الخطابي: (كان من نسك أهل الجاهلية الصمت)[13].

7- كان من بدع أهل الجاهلية: أن من كان من الحلة –من ليسوا بحمس- لا يطوف أول ما يطوف إلا بثياب أحمسي، فإن لم يجد طاف عريانا، فإن خالف وطاف بثيابه ألقاها إذا فرغ ثم لم يُنتفع بها؛ فجاء الإسلام فهدم ذلك كله[14]، فنهى عليه الصلاة والسلام أن يطوف بالبيت عريان[15].

8- كان أهل الجاهلية –باستثناء قريش- إذا حجوا ثم رجعوا لم يدخلوا بيوتهم من قبل الأبواب، ولكن من ظهورها؛ فأنزل الله قوله تعالى: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها)[16].

هذه أمثلة وشواهد، وليس المقام مقام استقصاء.

إن من المؤسف حقا أن طائفة من الحجاج تخالف المشركين من وجه وتوافقهم من وجه آخر.

فتراهم يخالفون المشركين في تلبيتهم لفظا، ويوافقونهم واقعا وحالا؛ حيث يلهجون بالتلبية الخالصة لله، ومع ذلك يدعون غيره ويستغيثون بسواه، فلسان حالهم يقول: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك!

وتجدهم يخالفون المشركين في مواضع من المناسك وفي أزمانها، ولكنهم يوافقونهم من وجه آخر؛ فيتعبدون في أماكن لم تُشرع العبادة فيها، ويخصصون أزمانا للطاعة بغير دليل، بل ويحدثون عبادات لم ينزل الله بها سلطانا.

أو تراهم يتوقون مشابهة المشركين في المناسك؛ فإذا انقضت وافقوهم في أعمالهم وعاداتهم وهيئاتهم.

فما أحرى هؤلاء أن يتأملوا هدي النبي عليه الصلاة والسلام ويلتزموا سنته؛ فيكون لهم الفلاح في الدنيا والسعادة في الآخرة.

نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا وسائر المسلمين، وأن يرزقنا الفقه في دينه والثبات عليه، إن ربي قريب مجيب.

 

كتبه: د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي

عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة 



[1]  اقتضاء الصراط المستقيم 2/840
[2]  المحرر الوجيز 1308
[3]  اقتضاء الصراط المستقيم 2/851
[4]  تهذيب السنن 2/310
[5]  الدرر السنية 11/314
[6]  أخرجه مسلم (1218) ضمن حديث جابر رضي الله عنه المشهور.
[7]  اقتضاء الصراط المستقيم 1/305
[8]  المصدر السابق 1/421
[9]  شرح العمدة – قسم الحج 2/632
[10]  أخرجه البخاري (3838).
[11]  أخرجه البخاري (1564)، ومسلم (1240) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[12]  (3834).
[13]  فتح الباري (7/150).
[14]  انظر: فتح الباري 3/483
[15]  أخرجه البخاري (1622)، ومسلم (1347).
[16]  أخرجه البخاري (1803)،(4512)، ومسلم (3026).