الجمعة، 22 مايو 2015

من حِكَم الإحداد

🌱من حِكَم الإحداد 🌱

💠 الإحداد: هو لزوم الزوجة بيت زوجها بعد وفاته مدة العدة، واجتناب الزينة في الثياب أو البدن؛ كالطيب، والحناء، والكحل وغيره.
 👈 حكمه: واجب.

🔸قال الله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً}.

🔹وقال صلى الله عليه وسلم : (لا تُحِدُّ امرأة على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْبٍ.
ولا تكتحل.
ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نُبذةً من قُسطٍ أو أظفار) متفق عليه.

🔸وقد أجمع العلماء على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر.

💎 وفي الإحداد على الزوج حِكَم ومصالح ترجع إلى:
1⃣ حفظ حق الزوجة.
2⃣ وحفظ حق زوجها المتوفى.
3⃣ وحفظ حق أهله.
4⃣ وحفظ حق من قد تتزوجه.

🌱أما الزوجة: فيحفظ حقها في الحزن عليه حزنا معتدلا، في مدة كافية، وهذه حاجةٌ تستوعبها الزوجة الودود، لا الحقود.

🌿 وأما الزوج: فبإظهارها الحزن على من كان سكنا لها، لما كان بينهما من المودة والرحمة؛ وهذا من الوفاء لحقه. 
وهو معنى لا يفهمه الجفاة. 

🌱وأما أهل الزوج: فلأجل مشاركتها لهم حزنهم على فقيدهم، وتقديرها لهم.
وهذا من أرقى المعاني وأسماها، ولا يراعيه إلا أهل المروءة.

🌿 وأما من قد تتزوج به: فإنها تكون قد أخذت حظها من الحزن على زوجها الأول؛ فلا تنغص عيش الثاني بمشاعر الحزن والألم.

🌱 وفي العدة: صون للنسب، واحتياط لما قد يكون في رحم المرأة من الولد .
🔻وهذا المعنى يدخل في الحقوق الأربعة المتقدمة.
_______________
انظر تغريدات  أ. د. صالح سندي في تويتر .
-----------------------------------
تابع قناة فوائد الشيخ أ.د. صالح سندي على التيليجرام:
https://goo.gl/bRxreH
المدرس في المسجد النبوي 
ورئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة .

الثلاثاء، 12 مايو 2015

مسائل في التوحيد


أدلة وقوع الشرك :
١- إخبار الله في القرآن بوقوع الشرك فيمن قبلنا (راجع آخر باب) وقد بين صلى الله عليه وسلم ان هذه الأمة يتتبع من قبلها كما في حديث (بتابعه سنن ....)
٢- أدلة في السنة مصرحة بوقوع الشرك :
(لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الارض الله الله)
(لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء درس على ذي الخلصة)
(لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد البات والعزى)
(لا تقوم الساعة حتى يلحق حي....) وهذا الحديث في آخر باب.
٣- الوقوع ، فالشرك واقع ومشاهد .

وهذه الأدلة كما ترى محكمة وواضحة وكثيرة.
-----------------------
ج78: 
الجواب المجمل :
أن في الأدلة محكم ومتشابه ، والواجب رد المتشابه للمحكم. 
وعندنا أصل محكم بين واضح تقرر بأدلة كثيرة وهو وقوع الشرك في هذه الأمة .

الجواب المفصل:

1-( أيس ) هو اخبار عما في نفس الشيطان، وهو لا يعلم الغيب .
2- أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون و(ال) للعموم ، فهو أيس من أن يعبده كلهم ولم ييأس من بعضهم ، وفعلا لن يعبده كل المصلين  .
3-أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون والمراد بالمصلين الصحابة. 
4-ان الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، الذين أقاموا الصلاة على الحقيقة ومن أقام الصلاة على الحقيقة فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وأعظم المنكر هو الشرك.
-----------------------
حماية النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك :

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد وحث على وسائله
ونهى عن الشرك ونهى عن وسائله.

ومن أمثلة ذلك :
١- النهي عن المبالغة في مدحه صلى الله عليه وسلم والكذب عليه :
قال صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله))
٢- النهي عن البناء على القبور واتخاذها مساجد :
قال صلى الله عليه وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، 

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصّص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.

٣-النهي عن اتخاذ القبر عيداً وتكرار زيارته على وجه مخصوص
قال صلى الله عليه وسلم "لا تجعلوا قبري عيدا"
4- النهي عن الصلاة إلى القبور:
قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها))
5- الأمر بتسوية القبور وهدم ما بني عليها:
عن أبي الهيّاج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالاً إلا طمستَه، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته.
6- التحذير من شدّ الرحال إلى القبور:
قال صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى))
7- النهي عن الحلف بغير الله:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت))

٨-  نهى عن الشرك في الألفاظ 
كقول (ما شاء الله وشئت) سدا لذريعة الشرك .
وقول (عبدي وأمتي)
٩- نهى عن التعلق عن كل سبب ليس بشرعي او قدري . وتقدمت عندكم أدلته.
١٠- نهى عن التشبه بأهل الشرك ؛ لأن التشبه بهم في الظاهر يفضي إلى التشبه لهم في الباطن ، فنهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها .

قال ابن تيمية: "وهو صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغير الله، وعن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها، وعن اتخاذ القبور مساجد، واتخاذ قبره عيداً، ونهى عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة، وأمثال ذلك لتحقيق إخلاص الدين لله، وعبادة الله وحده لا شريك له، فهذا كله محافظة على توحيد الله عز وجل وأن يكون الدين كله لله، فلا يعبد غيره، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يدعى إلا هو، ولا يتَّقى إلا هو، ولا يصلى ولا يصام إلا له، ولا ينذر إلا له، ولا يحلف إلا به، ولا يحج إلا إلى بيته"


ومن الأمثلة على حمايته التوحيد :
١- تحذيره من اتخاذ القبور مساجد ؛ سد الذريعة الشرك .
ومن اتخاذها عيدا .
٢- حذر من كل ما يشوب التوحيد من الأقوال والأعمال التي تنقص التوحيد ومن ذلك نهى عن اطرائه 


(جواب عن صور اتخاذ القبر عيدا)
 
نهى  عن اتخاذ قبره عيدا ، ويدخل في ذلك سائر القبور من باب أولى ؛ واتخاذ القبر عيدا يشمل عدة صور ؛ منها :- 
أ-----_ اعتياد زيارته على وجه مخصوص ؛ ككل جمعة أو شهر ، أو كلما دخل المسجد ، أو كلما صلى الفجر مثلا ؛ لأن العيد اسم لما يعتاد مجيئه وقصده من زمان أو مكان . 
ب- تحري الدعاء عند القبر ؛ لحديث علي بن الحسين  ، أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي  فيدخل فيها ، فيدعو ، فنهاه ، وقال : ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله  قال : ( لا تتخذوا قبري عيداً ، ولا بيوتكم قبوراً ، وصلوا علي ، فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم ) ؛ قال عبد الرحمن بن حسن : ( هذا يدل على النهي عن قصد القبور والمشاهد لأجل الدعاء والصلاة عندها . قال شيخ الإسلام  : ما علمت أحدا رخص فيه ؛ لأن ذلك نوع من اتخاذها عيدا ) . فتح المجيد ( 270 ) . 
ج - شد الرحل لزيارة قبر النبي  أوغيره من القبور والمشاهد ؛ لأن ذلك من اتخاذها أعيادا .   
------------------------------------------------------------------------------------------------------
            
أصول في باب الشفاعة :

1-الشفاعة ملك لله (قل لله الشفاعة جميعا) وعليه فلا تطلب الا ممن يملكها ، ومن طلبها من غيره فقد طلبها ممن لا يملكها فيكون مشركا .

2-أنه سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه . (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)

3-أنه لا يأذن إلا لمن رضي قوله وعمله . (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا)
4-أنه لا يرضى من القول والعمل إلا توحيده واتباع رسوله . وعليه فإن الشفاعة لا تنال المشركين بدليل حديث (لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا)
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------

جواب عن التبرك بالآثار المكانية :
النبي صلى الله عليه وسلم مبارك الذات، مبارك الصفات، مبارك الأفعال، وهذه البركة فيه صلى الله عليه وسلم متحققة في ذاته وصفاته وأفعاله. فقد ثبت عن بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتبركون بأشياء منفصلة عن بدنه كالشعر، والوضوء، والعرق وغير ذلك، مما جاءت به الأحاديث الصحيحة، في الصحيحين وغيرهما. فله صلى الله عليه وسلم من أنواع البركة أعلى ما يهبه الله بشراً من رسله، وأجزاؤه صلى الله عليه وسلم تتعدى بركتها، ويجوز التبرك بها، كما فعلت جماعة من الصحابة. وأما آثاره المكانية كمكانٍ سار فيه، أو بقعةٍ صلى فيها، أو أرض نزل بها فلم يعرف دليل شرعي يومئ أو يشير إلى أن بركة بدن الرسول صلى الله عليه وسلم

قد تعدت إلى هذا المكان، فيكون مباركاً يشرع التبرك به، ولذا لم يكن يفعل هذا صحابته في حياته ولا بعد مماته. فما سار فيه رسول الله أو نزل فيه فلا يجوز التبرك به؛ لأن هذا وسيلة إلى تعظيم البقاع التي لم يشرع لنا تعظيمها، ووسيلة من وسائل الشرك، وما تتبع قوم آثار أنبيائهم إلا ضلوا وهلكوا. قال المعرور بن سويد الأسدي؛ خرجت مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من مكة إلى المدينة، فلما أصبحنا صلى بنا الغداة، ثم رأى الناس يذهبون مذهباً، فقال: أين يذهب هؤلاء؟ قيل: يا أمير المؤمنين! مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هم يأتون يصلون فيه، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم، فيتخذونها كنائس وبيعاً، من أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض، ولا يتعمّدها. أخرجه سعيد بن منصور في " سننه "، وابن أبي شيبة في " المصنف " (2/376) ، قال ابن وضاح رحمه الله ص43:

" وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد، وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم، ما عدا قباء وأحداً"

فالمقصود من هذا أن السلف سلف الأئمة كانوا ينكرون التبرك بالآثار المكانية، وينكرون تحريها والتعلق بها رجاء بركتها، ولم يخالف في ذلك إلا ابن عمر -رضي الله عنهما- فقد كان يتتبع الأماكن التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي حيث صلى، ونحو ذلك. وما نقل نقل مصدق عن غير ابن عمر من الصحابة أنه كان يفعل مثل ما فعل ابن عمر في الآثار المكانيّة. وابن عمر ما كان يطلب بركة المكان، ولكنه يطلب تمام الاقتداء بكل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، حتى إنه أراد الصلاة في كل مكانٍ صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يتتبع ذلك ويعلمه، وما كان فعله -فيما يظهر- قصداً للتبرك بالبقعة كما يفهمه المتأخرون، وإنما قصد تمام الاقتداء، ولم يفعله غيره من صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم يوافقوه، بل إن أباه نهى الناس عن تتبع الآثار المكانية، وقوله مقدم على رأي ابنه عند الخلاف باتفاق، وهو خلاف لا يقوم في مقابلة اتفاق عمل الصحابة على ترك ما فعله ابن عمر -رضي الله عنه- ولا شك أن الصواب، والحق مع عمر -رضي الله عنه- وبقية الصحابة، وهو الحري بالاتباع، الفاصل عند النزاع، والله أعلم. 

ومما يدل على أن التبرك بالآثار الأرضية غير مشروع ومحدثٌ أمورٌ:
(والمطلوب للاختبار اثنان )

الأول: أن هذا النوع من التبرك لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل فيه شيء نقلاً مصدقاً، لا بإسنادٍ صحيح ولا حسن ولا ضعيف، فلم ينقل أن أحداً تبرك في زمانه بأثر له أرضي، وإذا لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله، ووجود الهمم على نقل ما هو دونه بكثير: علم أنه لم يكن في زمانه صلى الله عليه وسلم وما كان كذلك فإحداثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، والبدع يجب النهي عنها ومضادتها.

وهذا ما أرشد الخليفة الراشد إلى النهي عنه، وعن تتبع الآثار الأرضية، كما مَرّ في ما رواه المعرور بن سويد الأسدي.

الثاني: أن بركة ذوات الأنبياء والمرسلين لا تتعدى إلى الأمكنة الأرضية، وإلا لزم أن يكون كل أرضٍ وطئها، أو جلس عليها، أو طريق مر بها، تطلب بركتها، ويتبرك بها. وهذا لازم باطل قطعاً، فانتفى الملزوم، وهذا جلي لمن تأمل اتساعه وتسلسله. 

الثالث: أن طلب التبرك بالأمكنة الأرضية خلاف سنة الأنبياء جميعاً قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلم يتحروا الآثار الأرضية للأنبياء قبلهم، ولا أمروا بتحريها، وكل ما كان خلاف ذلك فهو مما أحدثه الخلوف -الذين يفعلون ما لا يؤمرون- بعد أنبيائهم حين صعبت عليهم التكاليف الشرعية، فرغبوا في التعلق لغفران الذنوب وزيادة الحسنات بالتبرك المبتدع بالآثار المكانية؛ ولذا قال عمر: "إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم".

 الرابع: أن الأمكنة الأرضية لا تكون مباركة إلا بدوم الطاعة فيها، وهي سبب إعطاء الله البركة، فالمساجد مباركة لذلك، وبركتها لا تكون مع زوال الطاعات عنها. فمما يمثل به على هذا: أن المساجد التي غلب عليها الحربيون وصيروها كنائس زالت عنها بركة المسجد التي كانت حين كان يطاع الله فيه، وبعد أن أحدث فيها الشرك وتعبد فيها بغير شريعة الإسلام، فالبركة تنتزع، وهذا مما لا منازع فيه ولا مجادل.

الخامس: أن التبرك بالآثار المكانية وسيلة إلى ما هو أعظم: من تقديسها والاعتقاد فيها، وما كان هذا شأنه فمنعه أوجب، إذ الوسيلة إلى ما ليس بمشروع ليست بمشروعة سداً للباب، وقطعاً للذريعة.


السادس: أن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والتماس بركته وتحريها يكون بما بقي اليوم من نوعي البركة وهي بركة الاتباع، والعمل بسنته، وجهاد أعداء سنته، والمخالفين لأوامر شرعه، والمنافقين الذي فتنوا الناس وأضلوهم، وبهذا رغب السلف من التابعين وأئمة الهدى، الذين حققوا محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنالهم من بركة اتباعه ما أذن الله فيه، وتركوا عدا هذا من التبرك بالآثار الأرضية، فعلم من هذا أن ما تركوه غير معروف عندهم، ولا هو بمشروع. وفي هذه الأمور لطالب الهداية والتوفيق مقنع، وللراغب في سداد القول والعمل منجع، وإن الحق لأحق أن يتبع، والحمد لله الموفق للصالحات.

(بتصرف من كتاب هذه مفاهيمنا للشيخ صالح آل الشيخ )
 
و"لو كان المشروع من التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم يبلغ هذا الحد، لكان حجم المنقول من ذلكم التبرك من أفعال الصحابة أكثر من أن يحصر وبما يغني الشيخ عن عناء تتبع الوارد في هذا الباب، ذلك أن عدد ما نَزَله النبي صلى الله عليه وسلم من الأماكن يفوق العد والحصر، وما وطئته قدماه الشريفتان يتجاوز التعداد، ومع ذلك فلم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم تبركوا بالمكان الذي نزله، أو أنهم تتبَّعوا مواطئ أقدامه صلى الله عليه وسلم لا في حياته ولا بعد وفاته، كتبركهم بآثاره صلى الله عليه وسلم كشعره ووضوئه ونخامته، دع عنك أن يتتابعوا عليه، فلما تركوه وهم من هم حرصاً على الخير وحباً للنبي صلى الله عليه وسلم كان فيه أبلغ دليل على عدم مشروعية مثل هذا الصنيع بل وبدعيته وخروجه عن الهدي الأول. فدعوى التبرك بما مكث به ولو لبرهة: دعوة للتبرك بغار حراء، وشعاب مكة، وجبال مكة والمدينة وسهولهما، وما لا حصر له من الأماكن." للشيخ علوي السقاف .
-----------------------------------------
العلة الكبرى من النهي عن اتخاذ القبور مساجد أمران: الأمر الأول : النهي عن التشبه بالمشركين.
الأمر الثاني : سد ذريعة الشرك،

و ظن بعض الفقهاء أن تحريم الصلاة عند القبور، لكونه مظنة النجاسة، لاختلاط تربتها بصديد الموتى، ولحومهم.
وعليه عندهم فيجوز الصلاة في المقبرة القديمة دون الحديثة .

وهو خطأ ، والرد على هذا الزعم من وجوه :
 (ويكفي اثنان منها للاختبار)

١- أن الأحاديث كلها ليس فيها فرق بين المقبرة الحديثة والقديمة ، كما يقوله المعللون بالنجاسة .
٢- أنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد. ومعلوم قطعاً أن هذا ليس لأجل النجاسة. لأن قبور الأنبياء من أطهر البقاع، وليس للنجاسة عليها طريق البتة، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم فهم فى قبورهم طريون.
٣- أنه نهى عن الصلاة إليها. (لاحظ قوة هذا الوجه)
٤- أنه أخبر أن الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام . ولو كان ذلك لأجل النجاسة لكان ذكر الحشوش والمجازر ونحوها أولى من ذكر القبور.
٥- أن موضع مسجده - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - كان مقبرة للمشركين، فنبش قبورهم وسواها واتخذه مسجداً: ولم ينقل ذلك التراب، بل سوى الأرض ومهدها وصلى فيه، كما ثبت فى الصحيحين عن أنس بن مالك  .

٦- أن فتنة الشرك بالصلاة فى القبور ومشابهة عباد الأوثان أعظم بكثير من مفسدة الصلاة بعد العصر والفجر. فإذا نهى عن ذلك سدا لذريعة التشبه التى لا تكاد تخطر ببال المصلى، فكيف بهذه الذريعة القريبة التى كثيرا ما تدعو صاحبها إلى الشرك ودعاء الموتى، واستغاثتهم، وطلب الحوائج منهم، واعتقاد أن الصلاة عند قبورهم أفضل منها فى المساجد. وغير ذلك، مما هو محادة ظاهرة لله ورسوله. فأين التعليل بنجاسة البقعة من هذه المفسدة؟ 

٧- أنه لعن المتخذين عليها المساجد. ولو كان ذلك لأجل النجاسة لأمكن أن يتخذ عليها المسجد مع تطيينها بطين طاهر، فتزول اللعنة، وهو باطل قطعاً .
 
------------------------------------------------------------------------------

مسألة : قال تعالى في سورة النساء ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) . وقال r في هذا الحديث ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) .

والمعنى أن عيسى خُلق وكان بكلمة الله ( كن ) , لا أنه هو كلمة الله , لأن كلام الله من صفاته عز وجل .

وفائدة إضافة الكلمة لله من باب التشريف , إذ المضاف لله قسمان :

1. ما يقوم بنفسه أو يقوم بغيره من المخلوقات : وهنا تكون الإضافة من باب إضافة المخلوق إلى خالقه , وهي على نوعين :

أ.إضافة خلق , كما في قوله تعالى ( إن أرضي واسعة ) وقوله تعالى ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ).

ب. إضافة تشريف للمضاف ,كما في قوله تعالى ( محمد رسول الله ) و( وأنه لما قام عبدالله ) و( ناقة الله ) و( طهر بيتي ) و( وروح منه ) .

2. أوصاف ومعانٍ لا تقوم بنفسها : وهنا تكون من باب إضافة الصفة للموصوف .

ومنه قوله تعالى ( حتى يسمع كلام الله ) .

وعليه فعيسى عليه السلام كغيره من البشر , إلا أن الله جعل في خلقه آية , إذ أنه ولد من أم بلا أب , كما قال تعالى ( ولنجعله آية للناس ورحمة منا ) .

كما قال تعالى ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) فإذا كنتم تعجبون من خلق عيسى من أم بلا أب , فآدم أولى بالعجب , لأن الله خلقه من تراب .
كذلك يقال في قوله ( وروح منه ) فالإضافة إضافة تشريف , فعيسى نفخت فيه الروح المخلوقة التي خلقها الله , وليس المعنى أن عيسى من روح الله , وهو جزء منه , كما تدعي النصارى , وهذا كقوله تعالى ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ) فالسموات والأرض من الله خلقاً , لا جزء منه بإجماع الملل , فكذلك روح عيسى عليه السلام من الله خلقاً وإيجاداً , لا جزء من الله





وفي الرقية عدة جهات :

أ. رقية النفس : وهذه مستحبة , ودليل على التوكل .

وقد كان r يرقي نفسه , كما في أحاديث كثيرة , منها ما روته عائشة في الصحيحين : كان r إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث .

وفي حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه شكا إلى رسول الله r وجعاً يجده منذ أسلم , فقال له رسول الله r : ضع يدك على الذي تألم من جسدك , وقل ( باسم الله ) ثلاثاً , وقل سبع مرات ( أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) . رواه مسلم

ب. رقية الغير : وهذه جائزة , بل مستحبة ، إذ هي نوع إحسان , والله يحب المحسنين .

وقد كان r يرقي غيره , كما في أحاديث , منها ما روته عائشة في الصحيحين أن رسول الله r كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه , أو كانت به قرحة , أو جرح , قال النبي r بإصبعه هكذا – ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم يرفعها - : باسم الله , تربة أرضنا , بريقة بعضنا , ليشفى سقيمنا , بإذن ربنا . 

وفي حديث جابر قال : لدغت رجلاً منا عقرب , ونحن مع النبي r  فقال رجل : يا رسول الله أرقي ؟ فقال : من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل . رواه مسلم

ج. الإسترقاء للغير : وهذه جائزة , ولا تنافي كمال التوكل ، وقد استرقي النبي r لأولاد جعفر , لأن هذه شفاعة . وقد قال تعالى ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ) وعند البخاري : قال r ( اشفعوا تؤجروا ) .

وقال r لأسماء بنت عميس : مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة , تصيبهم الحاجة ؟ قالت : لا , ولكن العين تسرع إليهم . قال : ارقيهم . قالت : فعرضت عليه , فقال : ارقيهم . رواه مسلم

وفي الصحيحين من حديث أم سلمة أن النبي r رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة – علامة , قيل من ضربة الشيطان – فقال  r : استرقوا لها فإن بها النظرة – عين من الجن - .

وجاء في الصحيحين من حديث عائشة : أمرني رسول الله r أو أمر أن يُسترقى من العين.

وهذه الصور الثلاث كلها ثبتت من فعله r فلا تنافي كمال التوكل .

د. الإسترقاء للنفس : وهذه جائزة وتركها أولى ، وتنافي كمال التوكل , كما سبق .

هـ. دفع الرقية : كأن يأتي شخص ليرقيه فيدفعه ظناً منه أن هذا من كمال التوكل , وهذا مخالف للسنة ، بل هذا لا ينافي

كمال التوكل , لعدم وجود الطلب ، وقد رقى جبريل عليه السلام نبينا r .كما عند مسلم . ورقت عائشة النبي r  كما في الصحيحين .


خطر الشرك :

يتبين خطر الشرك من وجهين عامين :

كونه أعظم الذنوب ، ويتضح هذا من خلال ثلاثة أمور :

أ.أن مضمونه تنقيص رب العالمين ، وصرف خالص حقه لغيره لأن الشرك تشبيه للمخلوق بالخالق تعالى في خصائص الإلهية من ملك الضر والنفع ، والعطاء والمنع .

ب. ولأنه غاية المعاندة لله في أمره ، فالله إنما خلقنا لعبادته وتوحيده .

جـ. ولأنه خبث محض ؛ إذ لا شهوة في النفس تستدعيه .

2- كون عقوبته في الآخرة أعظم العقوبات ، ويتضح هذا من خلال ثلاثة أمور :

أنه لا يغفر أبدا ، كما في قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به)

أنه يحبط العمل كله (لئن أشركت ليحبطن عملك)

أن صاحبه مخلد في النار أبدا (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار)


(إله): فعال بمعنى مفعول ، معناها (معبود) ، دلنا على ذلك عدة أمور :

1-أجمع أهل العلم على ذلك.

2-أجمع أهل اللغة على أن معناها هو (المعبود).

قال الراجز : لله درُّ الغانيات المدَّهِ *** سبَّحن واسترجعن من تألُّهي

4-وقرأ ابن عباس قوله تعالى (ويذرك وآلهتك) قال : وإلاهتك ، لأن فرعون كان يُعبد ولا يعبد . ا.هـ فالشاهد أنه فهم أن معنى الألوهية هو العبادة .

5-والرسل اتفقوا على الدعوة إلى لا إله إلا الله ، وفي القرآن كل رسول يقول لقومه (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) .



أنواع التبرك :

تبرك مشروع ، وضابطه : طلب البركة مما ثبت شرعا أن فيه بركة وفق ما ورد ، على جهة السببية .

تبرك ممنوع ، -وهو أن يختل أحد ضوابط التبرك المشروع- ، وضابطه : طلب البركة مما لم يثبت شرعا أن فيه بركة ، أو طلبها على كيفية لم ترد ، أو طلبها على غير جهة السببية .

حكم التبرك الممنوع:

التبرك الممنوع قد يكون شركاً أكبر وقد يكون شركاً أصغر:

1- فإن اعتقد المتبرِّك أو المتبرَّك به يعطي البركة, فيبارك من تمسح به بذاته - مثلا - فهذا أكبر, وهو شرك في الربوبية. وهذا يقع من الرافضة وغلاة الصوفية كثيراً .

2- وإن اعتقد أن التبرك بمسح القبور أو الأشجار أو الأحجار ونحو ذلك , يجعل صاحبَ القبر أو روحانياتِ تلك الأشياء تتوسط لهم عند الله وترفع إليه الحاجات وتقربه عنده , فهذا شرك أكبر أيضا, وهو من جنس شرك المشركين الذين قال الله عنهم: { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم  إلا ليقربونا إلى الله زلفى } الزمر:3, فهذا التبرك قد اجتمع فيه التعظيم والخضوع وتعلق القلب واتخاذ الأنداد فهو أكبـر .

3- أما إن اعتقد أن هذا المسح لأبواب المسجد ونحوه سبباً لنيل البركة فقط, والبركة من الله, فهذا شرك أصغر؛ حيث اتخذ سبباً لم يثبت كونه سبباً لا شرعاً ولا قدَراً .



التوسل هو : التقرب إلى الشيء والتوصل إليه ، والوسيلة : القربة .

قال تعالى : ﴿ وابتغوا إليه الوسيلة ﴾ .

والتوسل قسـمان :

توسل مشروع . 

توسل غير مشروع .

         

التوسل المشروع أنواع :

 

1. التوسل إلى الله باسم من أسمائه الحسنى ، أو صفة من صفاته العليا .

كأن يقول المسلم في دعائه : ( اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم ، اللطيف الخبير ، أن تعافيني ) ، ودليل مشروعية هذا النوع من التوسل :

قوله تعالى : ﴿ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ﴾ .

والمعنى : ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى .

ومن الأدلة قول النبي e في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته e : ( اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ... ) . رواه النسائي

ومنها أنه e سمع رجلاً يقول في تشهده : اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، أن تغفر لي ذنوبي ، إنك أنت الغفور الرحيم ، فقال e : ( قد غفر له قد غفر له ) . رواه أبو داود

ومنها ما رواه أنس t أن النبي e كان إذا حزبه أمر قال : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) . رواه الترمذي

بهذه الأحاديث وما شابهها تبين مشروعية التوسل إلى الله باسم من أسمائه أو صفة من صفاته .

 

2. التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي .

كأن يقول المسلم : ( اللهم بإيماني بك ، ومحبتي لك ، واتباعي لرسولك اغفر لي ) . وأدلتــه :

قوله تعالى : ﴿ الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ﴾ .

وقال تعالى : ﴿ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ﴾ .

ومن ذلك حديث أصحاب الغار الثلاثة ، حيث انطبقت عليهم الصخرة فسدّت عليهم باب الغار ، فلم يستطيعوا الخروج ، فتوسلوا إلى الله بصالح الأعمال ففرج الله عنهم فخرجوا يمشون . متفق عليه

 

3. التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح .

كأن يقع المسلم في ضيق شديد أو تحل به مصيبة كبيرة ، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله ، فيحب أن يأخذ بسبب قوي إلى الله فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى ، فيطلب منه أن يدعو له ربه .

فهذا مشروع وقد دلت عليه الشريعة المطهرة .

فمن ذلك ما رواه أنس t قال : ( أصاب الناس سنة على عهد النبي e ، فبينما النبي e يخطب على المنبر قائماً يوم الجمعة ، دخل أعرابي فاستقبل رسول الله e فقال : يا رسول الله ، هلك المال وجاع العيال وانقطعت السبل فادع الله لنا ... ) . متفق عليه

ومن ذلك ما رواه أنس : ( أن عمر بن الخطاب t كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا e فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون ) . رواه البخاري

ومعنى قول عمر : إنا كنا نتوسل إليك بنبينا e وإنا نتوسل إليك بعم نبينا ، أي : كنا نقصد نبينا ونطلب منه أن يدعو لنا ، ونتقرب إلى الله بدعائه ، والآن وقد انتقل e إلى الرفيق الأعلى ، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا ، فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس ، ونطلب منه أن يدعو لنا .

وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائهم : اللهم بجاه نبيك أسقنا ، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته e : اللهم بجاه العباس أسقنا .

لأن مثل هذا الدعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة .

ومن ذلك ما رواه الحافظ بن عساكر في تاريخه ( 18/151/1 ) بسند صحيح عن التابعي الجليل سليم بن عامر : ( أن السماء قحطت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون ، فلما قعد معاوية على المنبر قال : أين يزيد بن الأسود الجرشي ؟ فناداه الناس ، فأقبل يتخطى ، فأمره معاوية فصعد على المنبر ، فقعد عند رجليه ، فقال معاوية : اللهم إنا نستشفع إليك اليـوم بخيـرنا وأفضلنا ، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسـود الجرشي ، يا يزيد ارفع يديك إلى الله ، فرفع يديه ، ورفع الناس أيديهم ، فما كان أوشك أن ثاوت سحابة في الغرب كأنها ترس ، وهبت لها ريح ، فسقتنا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم ) .

فهذا معاوية t لا يتوسل بالنبي e ، وإنما يتوسل بهذا الرجل الصالح .

التوسل غير المشروع :

1. طلب الدعاء من الأموات :

فهذا لا يجـوز ، لأن الميت لا يقدر على الدعاء كما كان يقدر عليه في الحياة ، وطلب الشفاعة من الأموات لا يجوز ، لأن عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان ومن بحضرتهما من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لما أجدبوا استسقوا وتوسلوا واستشفعوا بمن كان حياً كالعباس ويزيد بن الأسود ، ولم يتوسلوا ولم يستشفعوا ولم يستسقوا ولم يتوسلوا بالنبي e لا عند قبره ولا عند غيره ، ولقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره فيتوسلوا به لو كان جائزاً ، فترْكهم لذلك دليل على عدم جواز التوسل بالأموات لا بدعائهم ولا بشفاعتهم .

2. التوسل بجاه النبي e :

فهذا لا يجوز ، سواء في حياته أو بعد مماته ، لأن جاه الرسول e لا ينتفع به إلا الرسول u ، وعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يقول : اللهم إني أسألك بجاه نبيك أن تغفر لي .

وأما حديث : (إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) . قال شيخ الإسلام في الفتاوى [1/319] :

( وهذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث ، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث ) .

ومن أدلة عدم جوازه : السنة التركية فلم يرد عن أحد من الصحابة التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم .
 
 
 
 
 
أصل الشرك في العالم هو الشرك في الدعاء .
والأدلة على كون دعاء غير الله شركا كثيرة ، ويمكن تقسيمها إلى مجموعات :
1- الآيات التي دلت صراحة على أن دعاء غير الله شرك ، ومنها : -
- قال تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) ، فيها وصف الداعي لغير الله بالكفر .
- قال تعالى : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) .
- قال تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 40 بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ) .
- قال تعالى : ( قل إنما أدعوا ربي و لا أشرك به أحدا ) ، سياق الآية يفيد أن دعاء غير الله شرك .
- قال تعالى : ( ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) .
- قال تعالى : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ  ) ، أشركوا فيما سبق أن أخلصوه وهو الدعاء .
- قال تعالى : (وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) .
- قال تعالى : (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ 53 ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ  )
- قال تعالى : (قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ )
- قال تعالى : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ  ) .
- قال تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ  ) .
2- النصوص التي تدل على أن الدعاء عبادة ، ووجه الاستدلال منها أنها إذا ثبت أن الدعاء عبادة فإن صرفها لغير الله شرك :
-  قال تعالى : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا  48 فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) .
- قال تعالى : ( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .
- قال تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ  5 و إذا حشر الناس كانوا لهم أعداء و كانوا بعبادتهم كافرين ) .
- عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( الدعاء هو العبادة ، ثم قرأ : (و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .
- عن ابن عباس رضي الله عنهما : (( أفضل العبادة هو الدعاء ، وقرأ : ( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .
3- الأدلة التي فيها وصف الدعاء بأنه الدين ، ووجه الدلالة منها كوجه الدلالة في المجموعة السابقة :
- قال تعالى : ( و إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ) .
- قال تعالى : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ  ) .
- قال تعالى : ( وجاءهم الموج من كل مكان و ظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين ) .
4- الأدلة التي فيها توعد من يدعو غير الله بالهلاك و العذاب :
- قال تعالى : ( فلا تدع مع الله إلها ءاخر فتكون من المعذبين ) .
- قال تعالى : ( ومن يدع مع الله إلها ءاخر لا برهن له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكفرون ) .
- عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار )) .
 
 
5- الأدلة التي فيها وصف دعاء غير الله بالضلال :
- قال تعالى : (َهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ) .
- قال تعالى : ( يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلل البعيد ) .
6- الأدلة التي فيها وصف دعاء غير الله بأنه ظلم :
- قال تعالى : ( و لا تدع من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظلمين ) .
7- الأدلة التي فيها وصف دعاء غير الله بالشطط :
- قال تعالى : ( لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذاً شططا ) ، قال ابن جرير : (( يعني غالياً من الكذب ، مجاوزا مقداره في البطول و الغلو )) .
8- الأدلة التي فيها النهي الصريح عن دعاء غير الله و الأمر بدعائه وحده :
- قال تعالى : ( و أن المسجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) .
- قال تعالى : ( * قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ) ،  ووجه الدلالة أنه قد ثبت أن الدعاء عبادة ، فتكون داخلة في قوله ( أعبد ) ، وفيها قرينة تؤيد النهي عن دعاء غير الله بخصوصه : ( الذين تدعون من دون الله ) .
- قال تعالى : (و لا تدع من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك ) .
- قال تعالى : ( قل إنما أدعوا ربي و لا أشرك به أحدا ) ، جلة على لزوم دعاء الله وحده .
- في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله ))
* ضابط الدعاء الشركي : -
الدعاء الشركي ضابطه ثلاث صور :
1- دعاء الميت مطلقاً ، سواء عند قبره أو بعيداً عنه ، وأولى منه في حكم الشرك دعاء الأحجار و الأشجار و الأصنام .
2- دعاء الحي الغائب مطلقاً ، سواء أكان فيما يقدر عليه لو كان حاضرا أو فيما لا يقدر عليه ، ويلتحق بذلك الملائكة والجن ؛ لأنها عند الإنسان في حكم الغائب .
3- دعاء الحي الحاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله .
سؤال : لم كانت هذه الصور الثلاث شركاً ؟
الجواب : أن هذه الصور الثلاث قد اجتمع فيها ما يأتي :
1- صرف لب العبادة و قطب رحاها - الذي هو الدعاء - لغير الله ، وتسوية غيره به فيما هو من خصائصه ، و مايتبع ذلك من صرف أنواع من العبوديات لغير الله : ففيه توجه القلب و اللسان إلى المدعو و قصده بالكلية .
وفيه إظهار التذلل والفاقة إليه ، والخضوع والتملق بين يديه ، وفيه أيضاً تعليق الرجاء والرغبة فيه .
وفيه أيضاً تحقيق التوكل والاعتماد عليه في قضاء الحاجات ونيل الرغبات ، وكل ذلك من حقوق الإلهية . ( إنا إلى الله راغبون )، التي صرفها لله توحيد ، وصرفها لغير الله شرك .
و كل ماسبق من الشرك في الألوهية .
2- أن طلب الحاجات في هذه الصور من غير الله يقتضي اعتقاد الداعي في المدعو أن له قوة غيبية و سلطانا خفياً و تأثيراً في الأشياء بحيث يستطيع إيصال النفع ودفع الضر بغير الأسباب المعهودة التي هي في قوى البشر ، وهذا من خصائص الرب سبحانه ، فمن اعتقد اتصاف غيره به فقد أشرك .
و هذا شرك في الربوبية .
3- و تزيد الصورتان الأولى و الثانية بأمر ثالث و هو اعتقاد الداعي أن الحي الغائب أو الميت الذي لا يسمع أن له سمعاً محيطاً واطلاعاً شاملاً و علماً بالغيب ؛ ولأجل هذا هتف باسمه من مكان بعيد ، وهذا فيه تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائصه سبحانه .وهذا شرك في الأسماء والصفات .
إذن فدعاء غير الله قد تضمن أنواع الشرك الثلاثة : في الألوهية و الربوبية و الأسماء والصفات .
وعليه فضابط جواز الطلب من غير الله أن يكون : 1- حيا 2- حاضرا 3- قادرا
 
 

الجمعة، 8 مايو 2015

أهمية العلم بأسماء الله وصفاته

| أهمية العلم بتوحيد الأسماء والصفات |

🌱 لا يختلف المسلمون أن معرفة أسماء الله وصفاته أساس الدين وأصل الهداية، وهي أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول، ويظهر شرف هذا العلم من وجوه :

١- أن العلم من حيث هو شيء فاضل وشيء عظيم، ولكنه يتفاضل بحسب المعلوم، والله أشرف معلوم، فالعلم به أشرف العلوم.
والله هو الكبير؛ بل الله أكبر من كل شيء، فالعلم به أكبر من كل علم.
والله هو العظيم، فالعلم به أعظم العلوم.
بل كل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة، ومعرفة الله مرادة لأجلها، ومن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل.

٢- قد أكثر الله في كتابه من الأمر بالعلم بأسمائه وصفاته {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم}  {واعلموا أن الله سميع عليم } {واعلموا أن الله غني حميد} {واعلموا أن الله بكل شيء عليم} {واعلموا أن الله مع المتقين} { فاعلموا أن الله عزيز حكيم }
وقد ورد هذا في كتاب الله في أكثر من عشرين موضعا.

وهذا يستفاد منه فائدتان:
أ. أن العلم بأسماء الله وصفاته أمر واجب.
ب. أن نعلم أن الله يحب منا أن نعلم أسماءه وصفاته، وذلك أن كل ما أمر الله به شرعا فهو محبوب له.

٣- أن العلم بأسماء الله وصفاته يفتح على العبد أبوابا عظيمة من عبوديات القلب وعبوديات الجوارح، والقيام بدعاء العبادة ودعاء المسألة، وهي من أعظم أسباب زيادة الإيمان؛ بل وتتفجر للعبد العالم بالله من ينابيع العلم ما لاتحيط به العبارة؛ ولذلك فمن وسِع علمهم وسلمت فطرتهم فإنهم يستدلون بأسماء الله وصفاته على أحكامه الشرعية وأحكامه القدرية.
قالت خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه ( واللهِ لا يخزيك اللهُ أبدا إنك لتصل الرحم وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق) علمت بفطرتها أن الله حكيم، ومن حكمته فإنه لا يمكن أن يخزي مَن هذه حاله.
وكل اسم لله عز وجل وجل وكل صفة له سبحانه لها عبودية تخصها، فهناك عبودية تتعلق باسم الله الغفور وصفة الله المغفرة ... وهكذا.
ولذا فإن السير إلى الله من طريق أسمائه وصفاته شأنه عجيب، وصاحبه قد حيزت له السعادة وهو مستلقٍ على فراشه.

٤- أن الحاجة النفسية للعباد ملحة إلى معرفة أسماء الله وصفاته، ولا يمكن أن يُعبد اللهُ على الوجه الأكمل إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، وكلما كان الانسان أعلم بأسماء الله وصفاته كان أصح عبادة وأسدَّ تقوى؛ بل إن الانسان لو قيل له: اعبد ربا لا تعرف عنه شيئا من أسمائه وصفاته، لما أمكنه ذلك، وكان هذا من تكليف ما لا يُطاق.

ولعلم الله بمسيس حاجة العباد لذلك فإنه بيّن لهم طرفا من الأسماء والصفات، وقد جرت عادة الله في شرعه وكونه أنه كلما اشتدت حاجة الشيء فإن الله ينعم به أكثر، ولذا كثر في الكتب المنزلة وفي كلام المرسلين ذكر أسماء الله وصفاته - وأعظمهم في ذلك حظا نبينا صلى الله عليه وسلم والكتاب الذي أُنزل عليه- .
فحاجة العباد إلى معرفة الله بأسمائه وصفاته أعظم من كل حاجة؛ بل أعظم من حاجتهم للطعام والشراب، فـبالطعام حياة البدن، وتلك المعرفة حياة القلب، والإنسان بروحه وقلبه لا بجسده.

٥- هذا العلم وما يتبعه من العمل هو الغاية من خلق هذا الكون قال تعالى { الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} وقال تعالى { جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم}

٦- أن العلم بأسماء الله وصفاته كما أنه شطر التوحيد فهو أيضا أصل التوحيد، فالتوحيد علمي وعملي، والتوحيد العلمي أصل التوحيد العملي، وهو الموصل إليه فيوحده بالعلم ثم يوحده بالعمل، قال تعالى { رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا } لما كان ربَّ السماوات والأرض ولما كان لا سمي له ولا كفؤ ولا نظير فإنه حينئذ يكون المستحق للعبادة، إذن: توحيد الاسماء والصفات يستلزم توحيد العبادة.

٧- أن العلم بأسماء الله وصفاته والقيام بمقتضى هذا العلم تعبدا له جل وعلا سبب لدخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين (إن لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) والتحقيق أن إحصاء أسماء الله يكون:
أ.بحفظها، 
ب.ومعرفة معناها، 
ج.والتعبد لله بها.

٨- أن باب الأسماء والصفات من الأبواب التي كثر فيها القول بالباطل، فإن الخلاف فيه قديم في الأمة ؛ ولذا فقد كثرت الفرق التي خالفت الحق في هذا الباب، وقد عظمت البلية بهم حتى إن الخلل والخطأ فيما يتعلق بصفات الله قد وقع في كثير من الكتب التي بأيدي الناس مع الأسف الشديد.
وإذا كان ذلك كذلك فإن المتعين على المسلم - لا سيما طالب العلم - أن يعتني بتحقيق هذا الباب وفق دلالات الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح.
فإن الخطأ في هذا الباب ليس كالخطأ في غيره؛ فإن الذي يعارض الله في ثبوت ما أثبت لنفسه من الصفات قد وقع في أمر عظيم.

💡[ الشيخ أ.د. صالح سندي -  شرح القواعد المثلى - الدرس الأول ]