الجمعة، 25 سبتمبر 2015

خطبة ما بعد عيد الأضحى


إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونسغفِرُه ، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أما بعد : فاتقوا الله عباد الله حق التقوى ، فالتقوى خير زاد ليوم المعاد .

أيها المسلمون :

إن هذه الأضاحي هي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد صلى الله عليهما وسلم ، وإنها لسنة مؤكدة ينبغي للقادرين عليها أن يحيوها وألا يتساهلوا فيها فيُحرموا ما فيها من ثواب عظيم .

 فإن الله ابتلى إبراهيم عليه السلام بذبح إسماعيل ولده، وفلذة كبده،

ليسلم قلبه لله ، ولا يكون فيه تعلق بسواه،

فإن العباد لذلك خلقوا ، وبه أمروا،

فامتثل أمر ربه طائعا ، وخرج بابنه مسارعاً،

وقال { يا بُنيَّ إني أرى في المنام أني أذبحُكَ فانظرْ ماذا ترى ، قال يا أبتِ افعلْ ما تُؤْمر سَتَجِدُنِى إِن شَاء ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ }

فاستسلما جميعاً للقضاء المحتوم ،

وسلما أمرهما للحي القيوم ،

فلما تلّه للجبين ، وأهوى إلى حلقه بالسكين ، أدركته رحمة أرحم الراحمين

ونودي {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ، إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم} ، فأحيا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم هذه السنّة ، فأهدى في حجته مئة بدنة ، وضحى في المدينة بكبشين أملحين أقرنين ، فبادروا إلى إحياء سنن المصطفين الأخيار ،

ولا تكونوا ممن بخل وآثر كنز الدرهم والدينار ، على طاعة الملك الغفار ،

واعتبروا بهذه الحادثة العظيمة ،

وأحيوا هذه السنة الكريمة ؛

فقد أمر إبراهيم بذبح أعز الناس عنده،

فأسرع لامتثال أمر ربه ،

أوليس من أُمر بذبح شاة أولى بالاستجابة لأمر الله جل في علاه ، إلا عند من آثر هذه الحياة ـ والعياذ بالله ـ .


أيها المسلمون :

يتجلى في هذا النسك مظهر عظيم من مظاهر هذه الشريعة وهو الرحمة والإحسان ؛ حيث أمرت الشريعة الذابح بأن يحسن ذبح أضحيته فيقودها إليه قودا رفيقا ؛ قال صلى الله عليه وسلم "إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" ولا يحد الشفرة أمامها ، فقد مر صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، قال: "أفلا قبل هذا؟ أتريد أن تميتها موتتين" صححه الألباني وابن باز . وليرح ذبيحته بإمرار السكين على محل الذكاة بقوة وسرعة ، ولا يذبحها وأخرى تنظر إليها ، ولا يبالغ في الذبح حتى يقطع الرأس ، فإن ذلك مناف للإحسان إليها .

ولا يفعل ما يؤلمها قبل زهوق نفسها ، مثل أن يكسر عنقها ، أو يبدأ بسلخها ، أو يقطع شيئا من أعضائها قبل أن تموت .

قد روى عبد الرازق موقوفاً: أن ابن عمر رأى رجلا يجر شاة برجلها ليذبحها، فقال له: "ويلك، قدها إلى الموت قوداً جميلاً".

وقد قال رجل : يا رسول الله ؛ إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها أو قال : إني لأرحم الشاة أن أذبحها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والشاة إن رحمتها رحمك الله "

عباد الله : لهذه الأضحية حِكَم جليلة ومعان نبيلة ، فمنها

تعظيم الله بالذبح من بهيمة الأنعام تقربا إليه وإظهارًا لشعائر دينه .

ومن الحكم : التوسعة على الناس يوم العيد :

فحين يذبح المسلم أضحيته ويأكل منها يوسع على نفسه وأهل بيته،

وحين يهدي منها إلى أصدقائه وجيرانه وأقاربه يتألف قلوبهم ويوسع عليهم ،

وحين يتصدق منها على الفقراء فإنه يغنيهم عن السؤال في هذا اليوم الذي هو يوم فرح وسرور .

وكذلك إظهار شعائر الإسلام من صلاة وتضحية وغيرها مما فيه إعلاء كلمة الله تعالى .

ومن حكمها ذكر حال أئمة الهدى من الملة الحنيفية إبراهيم وإسماعيل وأتباعهما والاعتبار بهم في بذل النفس والأموال في طاعة الله وقوة الصبر ، وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها.

وشرعت الأضحية ليتشبه المضحي بالحجاج ويتشوق  لما هم فيه ولذلك شُرِع التكبير ، وشرع ترك الشعر والأظافر لمن قصد التضحية .

وفي الإراقة مبالغة في تصديق ما أخبر به الله عز وجل من أنه خلق الأنعام لنفع الإنسان، وأذن في ذبحها ونحرها لتكون طعاما له.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية " أجلّ العبادات البدنية: الصلاة ، وأجلّ العبادات المالية: النحر .

وما يجتمع للعبد في الصلاة لا يجتمع له في غيرها، كما عرفه أرباب القلوب الحية .

وما يجتمع له في النحر إذا قارنه الإيمان والإخلاص، من قوة اليقين وحسن الظن أمر عجيب، وكان النبي صلي الله عليه وسلم كثير الصلاة، كثير النحر".

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إن ربي رحيم ودود .

أيها المسلمون، الله عز وجل لطيفٌ بعباده، فمن لم يستطِع حجَّ بيت الله العتيق شُرِع له مُشاركة الحَجيج بالنسك والتكبير في هذه العَشرِ المُبارَكة،

وأيامُ المُسلمين أيامُ فرَحٍ وسُرورٍ، والله شرعَ لهذه الأمة إظهارَ فرحِها بالعبادة بعد أداء رُكنَين من أركان الإسلام؛ فعيدٌ بعد صيام رمضان، وعيدٌ ثانٍ بعد يوم عرفة.

وشرعَ الله فيها الأكلَ والشُّربَ وذِكرَه سبحانه، قال عليه الصلاة والسلام: «أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذِكرٍ لله» رواه مسلم.

وأيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة.

قال الله  تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات }

والأيام المعدودات : هي أيام التشريق ، قاله ابن عمر رضي الله عنه واختاره أكثر العلماء.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن أيام التشريق : " إنها أيام أكلٍ وشرب وذكرٍ لله عز وجل " رواه مسلم.

و ذكر الله عز وجل المأمور به في أيام التشريق أنواع متعددة :

منها : ذكر الله عزَّ وجل عقب الصلوات المكتوبات بالتكبير في أدبارها ، وهو مشروعٌ إلى آخر أيام التشريق .

ومنها : ذُكره بالتسمية والتكبير عند ذبح النُسك ، فإن وقت ذبح الهدايا والأضاحي يمتدُّ إلى آخر أيَّام التشريق .

ومنها : ذكر الله عزَّ وجل على الأكل والشرب ، فإن المشروع في الأكل والشرب أن يُسمي الله في أوله ، ويحمده في آخره ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله عزَّ وجل يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشَّربة فيحمده عليها" رواه مسلم.

ومنها : ذِكره بالتكبير عند رمي الجمار أيام التشريق ، وهذا يختصُّ به الحجاج .

ومنها : ذكر الله تعالى المطلق في كل وقت منها ، فإنه يُستحب الإكثار منه في أيام التشريق ، وقد كان عُمر رضي الله عنه يُكبر بمنىً في قبته ، فيسمعه الناس فيُكبرون فترتج منىً تكبيراً ، وقد قال تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكراً . فمن الناس من يقول ربَّنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .

وقد استحب كثيرٌ من السلف كثرة الدعاء بهذا في أيام التشريق .

وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عزَّ وجل " إشارةٌ إلى أنَّ الأكل في أيام الأعياد والشُّرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته وذلك من تمام شكر النعمة أن يُستعان بها على الطاعات.

وذِكرُ الله تعلُو منزلتُه حين غفلَة الناس بأفراحِها، أو الانشِغال عنه في أتراحِها. وخيرُ أيام العيدِ ما كان ذِكرُ الله فيها ظاهرٌ.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها " لا تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " صححه الألباني

أيها المسلمون : رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية، وأحقهم بالعناية، وأجدرهم بالإكرام والحماية، صلتهم مثراة في المال، ومنسأة في الأثر، وبركة في الأرزاق، وتوفيق في الحياة وعمارة للديار، يقول النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: ((من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه)) رواه البخاري.

صلتهم أمارة على كرم النفس وسعة الأفق وطيب المنبت وحسن الوفاء، ومعاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيها خاسر، والمنتصر مهزوم، وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها، وتشهد عليه بقطيعة إن كان قطعها.

وقد وعد الله بوصل من وصلها :

"قال الله للرحم: أما ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلى،

قال: فذلك لك" متفق عليه.

- ومن وصله الرحيم وصله كل خير ولم يقطعه أحد ، ومن بتره الجبار لم يُعْله أحد وعاش في كمد .

وصلة الرحم تدفع بإذن الله البلايا ، وترفع المصائب:

قال صلى الله عليه وسلم لخديجة:

"قد خشيت على نفسي، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكَل، وتُكسِب المعدوم وتقري الضيف"

رواه البخاري.


 واحذروا عباد الله من قطيعة الرحم من كبائر الذنوب؛ إذ صاحبها متوعد باللعنة:

{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم • أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}

- وعقوبة القطيعة معجلة في الدنيا قبل الآخرة :

قال صلى الله عليه وسلم:

" ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا -مع ما يدخره له في الآخرة- من البغي وقطيعة الرحم" صححه الألباني.

- وصاحبها متوعد بعدم دخول الجنة:

قال صلى الله عليه وسلم:

"لا يدخل الجنة قاطع" يعني قاطع رحم.

متفق عليه.

واجعل عيد هذا اليوم منطلق لوأد القطيعة وطي صحيفة الشقاق والنزاع لوأدها مجالات واسعة يسيرة، فمن بشاشة عند اللقاء ولين في المعاملة إلى طيب في القول وطلاقة في الوجه، زيارات وصلات، تفقد واستفسار، مهاتفة ومراسلة، والرأي الذي يجمع القلوب على المودة، كف مبذول، وبر جميل، وإذا أحسنت القول فأحسن الفعل.







الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ،

أمَّا بعدُ:

عباد الله ..  

مما يُقلل من حَسرة المحبِّ على عد اللحاق بركب الحجيج معرفة الأعمالُ الصالحة التي أرْشَدَنا إليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم – والتي من الْتزَم بها، فإنَّ الله - تعالى - يكتبُ له أجْرَ الحَجِّ، كأنَّما ذهَبَ إلى مكة المكرَّمة وأدَّى الحَجَّ.

منها نيَّة الحج والعُمرة نيَّة خالصة صادقة لله - تعالى - فالمسلم عندما ينوي الحجَّ بنيَّة صادقة خالصة، ولم يذهبْ بعُذْرٍ، فإنَّ الله - تعالى - يكتب له أجْرَ الحَج.

فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما رجَعَ من غزوة "تبوك"، ودنا من المدينة، قال: ((إنَّ بالمدينة لرجالاً ما سِرْتُم مَسِيرًا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلاَّ كانوا معكم؛ حَبَسَهُم المَرَضُ))، وفي رواية : ((حَبَسَهم العُذْرُ))، وفي رواية: ((إلاَّ شَرَكُوكم في الأجْرِ))؛ رواه البخاري.

ومنها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ((مَن صلى الفجر في جماعة ثُمَّ جلَس يذكُر الله - عزَّ وجل - حتى تطلُع الشمسُ، ثم قامَ فصلى ركعتين، كُتب له أجْرُ حَجَّة وعُمرة تامَّة، تامَّة، تامَّة)).

 ومنها حضور مجالس العلم في المسجد؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن غدا إلى المسجد لا يريد إلاَّ أن يتعلَّم خيرًا أو يعلمه، كان كأجْرِ حاجٍّ تامًّا حَجَّته)).

ومنها أداء الصلاة المكتوبة في المسجد؛ فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم ((مَن مَشَى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة، فهي كحَجَّة، ومَن مشى إلى صلاة تطوُّع - أي صلاة الضحى - فهي كعُمرة نافلة)). حسنه الألباني

 ومنها العُمرة في رمضان،

ومنها أيضا برُّ الوالدين ، فكل هذه الأعمال أجرها يعادل أجر الحج كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


ومن فاته هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليبيت عزمه على طاعة الله وقد قربه وأزلفه، ومن لم يمكنه القيام بأرجاء الخيف، فليقم لله بحق الرجاء والخوف، ومن لم يقدر على نحر هديه بمِنى، فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى، ومن لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد .انتهى كلامه.

ومن عجز أن يقدم الهدي هناك فلا يعجز أن يقدمه في بلده كل جمعة.
ففي الصحيحين   قال صلى الله عليه وسلم :
" من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".


وصلوا وسلموا عباد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم ......





-------------------------------------------------
تابع قناة مجمع الفوائد على التيليجرام
لنشر الفوائد الشرعية وبث المواعظ الأثرية.
https://goo.gl/Wwkq6O











الأربعاء، 19 أغسطس 2015

كيف أصبحت ؟

[ كيف أصبحتَ ؟ ]

- قال عليه الصلاة والسلام لرجل: كيف أصبحت يا فلان؟ قال: أحمد الله إليك يا رسول الله .
فقال رسول الله: هذا الذي أردت منك .
(الصحيحة)

قال الخليل في "العين": معناه: أحمده معك.
كما قال تعالى (من أنصاري إلى الله )
وقيل: أي مع الله 
فأحمد الله إليك أي أحمده معك. 

- وجاء في "اللسان": وقيل: أحمد إليك نعمة الله عز وجل بتحديثك إياها.

- قيل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف أصبحت؟ قال: بخير من قوم لم يشهدوا جنازة، ولم يعودوا مريضا. (حسنه الألباني)

- عن جابر بن عبد الله قال: قلت: كيف أصحبت؟ يا رسول الله! قال: بخير من رجل لم يصبح صائما ولم يعد سقيما. حسنه الألباني. 

-كانَتْ عَائِشَةُ إِذَا سُئِلَتْ: كَيْفَ أَصْبَحْتِ؟ قَالَتْ: صَالِحَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
[ الطبقات الكبرى لابن سعد ]

- أصبحت وبنا من نعم الله عز وجل ما لا يحصى مع كثير ما نعصي فلا ندري على ما نشكر، على جميل ما نشر أم على قبيح ما ستر.
[ذو النون بن إبراهيم - الزهد الكبير للبيهقي]

- قيل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت؟ قال: سيئ عملي، قريب أجلي، بعيد أملي.

- وجاء رجل إلى محمد بن واسع, فقال: كيف أصبحت؟ قال: ما ظنك برجل كل يوم يرحل إلى الآخرة.

- وقف بعض المنجمين على أبي بكر الأصم، فقال له: كيف أصبحت يا أبا بكر؟ قال: أصبحت أغدو على الاستخارة لله تعالى، وأنت تغدو على الطالع، وأصبحت أرجو الله، وأنت ترجو المشتري، وأصبحت أخاف الله عز وجل، وأنت تخاف زحل.

- أصبحت بطالا عن العبادة،  متلوثا بالمعاصي، أتمنى منازل الأبرار وأعمل عمل الأشرار.
(أبو الفيض ذو النون)

- أصبحت في بحابح نعمه أجول، وبلسان فضله وإحسانه أقول، نعماؤه علي باطنة وظاهرة، وغصون رياض مواهبه علي مشرقة زاهرة.
[ حلية الأولياء ]

- أصبحنا في أجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ولا ندري ما يفعل الله بنا. [ إبراهيم السكري ]

- قال عبد الواحد بن زيد: لقيت فرقد السبخي، فقلت: كيف أصبحت يا أبا يعقوب؟ فبكى، ثم قال: كيف يصبح من الموت أمامه، والقبر مورده، والقيامة بين يديه، ثم خر مغشيا عليه.

- كيف يصبح من تعتد عليه أنفاسه، ويحصى لانقضاء أجله، لا يدري عَلَى خير يقدم، أم عَلَى شر؟ قَالَ: ثم ذرفت عيناه.
[ تاريخ دمشق ]

- قال أبو سليمان الداراني: يا أم هارون كيف أصبحت؟ قالت: كيف أصبح من قلبه في يد غيره. [ تاريخ دمشق ]

- قال المروزي: دخلت يوما عَلَى أَحْمَد، فقلت: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، ونفسه تطالبه بهواها، وإبليس يطالبه بالفحشاء، وملك الموت يطالبه بقبض روحه، وعياله يطالبونه بنفقتهم؟
[ طبقات الحنابلة ]

- قيل للحسن: كيف أصبحت يا أبا سعيد كيف حالك؟ قال: بأشد حال، ما حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت لا يدري ما يفعل الله به.
[ الزهد الكبير للبيهقي ]

قال رجل لميمون بن مهران: كيف أصبحت قال أصبحت مستوحشا كم من خلق كريم وفعل جميل قد درس تحت التراب.
[ مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ]

كان أبو الدرداء إذا قيل له كيف أصبحت قال: أصبحت بخير إن نجوت من النار.

قيل لبعض الحكماء كيف أصبحت؟ قال: أصبحت لا أرضى حياتي لمماتي ولا نفسي لربي.

قيل لحكيم كيف أصبحت؟ قال: أصبحت آكل رزق ربي وأطيع عدوه إبليس.

- قيل لحامد اللفاف كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أشتهي عافية يوم إلى الليل فقيل له: ألست في عافية في كل الأيام؟ فقال: العافية يوم لا أعصي الله تعالى فيه.

21- قيل للشعبي في نائبة كيف أصبحت ؟ قال: بين نعمتين: خير منشور وشر مستور .
[ أدب الدنيا والدين ]

قيل للحسن البصري: كيف أصبحت؟ فقال: كيف يصبحُ مَنْ هو غَرَضٌ لثلاثةِ أسْهُمٍ: سهمُ رزيّةٍ، وسهمُ بليّةٍ، وسهمُ منيَّةٍ.

[ مستفاد من مقال بعنوان (أقوال مجموعة فيمن قيل لهم: كيف أصبحت؟ وكيف أجابوا) لأيمن الشعبان ]


الأحد، 2 أغسطس 2015

وصايا لطلاب الدراسات العليا - الشيخ أ.د. صالح سندي



هذه وصايا لطلاب الدراسات العليا في ثلاث مراحل :

1-مرحلة اختيار الموضوع

2-مرحلة جمع المادة العلمية.

3- مرحلة الكتابة.

كتبها الشيخ أ.د. صالح بن عبد العزيز سندي وهي تغريدات غرد بها عبر حسابه في تويتر .


أولا : وصايا لطلاب الدراسات العليا في اختيار موضوع الرسالة العلمية:

قال الشيخ حفظه الله :

 1 استعن بالله، ولا داعي للقلق!


2 أدمن القراءة في تخصصك؛ فستجد أن الموضوعات -بتوفيق الله- تتولد في عقلك.
 

 3 اجعل لك مذكرة خاصة بالموضوعات .. وأي موضوع يخطر ببالك قيده فيه ولا تعتمد على ذاكرتك.


4 من المهم أن تقرأ دليلا للرسائل الجامعية.هذا شيء مهم في هذه المرحلة؛فستعرف ما هي الموضوعات التي يكتب الباحثون فيها،وربما يتكشف لك موضوع ما.


5 كن واقيعا لا مثاليا.فالأبحاث كثرت جدا ومع ذا فاحرص أن يكون موضوعك الذي تبحث فيه موضوعا نافعا؛إذا طُبع قرأه كثير؛فيعظم أجرك،ويستمر بعد موتك

6 إذا وقع اختيارك على موضوع فلا تكثر الاستشارة فيه -كما يفعل بعض الباحثين- إذ من الصعب أن تتفق الآراء على موضوع واحد.


7 لاحظ في اختيار الموضوع قدرتك على الكتابة فيه؛ فكم من الباحثين من اختار موضوعا ليس له قدرة عليه؛ ففشل في بحثه، أو لم يقم بحقه.

8 لا تكفي جودة الموضوع لضمان قبوله الخطة المحكمة سبب قوي للقبول كم من موضوع هزيل قُبل بسبب خطة جيدة،والعكس صحيح فأحكم الخطة،واجعلها مقنعة.

-----------------------------------------

ثانيا : وصايا تتعلق بمرحلة جمع المادة العلمية:

قال الشيخ حفظه الله :

1 هذه المرحلة هي الركيزة الأولى في بحثك؛ فأنت تسعى الآن لوضع الأساس الذي يقوم عليه البحث؛ وكلما كان الأساس أصلب كان البناء أقوى.

2 اعتمد في القراءة على النسخة الأفضل قبل أن تقرأ في نسخة سقيمة فتندم!

والمقدم في هذا: جودة النسخة أولا، وشهرتها ثانيا

ولا تنس تدوين معلوماتها.

3 أدمن النظر في خطة البحث؛ حتى تستوعب تماما (كل) ما تريد أن تجمعه من مادة علمية.

4 احرص على علو الإسناد

أي أن تحرص على أن تأخذ المعلومة من مصدرها الأقدم.

5 احرص على اقتناص وتدوين كل ما تقف عليه مما تشعر أنك (قد) تستفيد منه

ولا تستغرق في التحليل في هذه المرحلة؛ فأنت لا تزال في مرحلة التقميش.

6 توسط في تدوين الفوائد الخارجية

لا تستغرق في هذا فيضيع عليك الوقت

ولا تهمله؛ فمرحلة الجمع فرصة قد لا تتكرر في الوقوف على الفوائد

إذن توسط

7 حدّد لنفسك مدة معينة لمرحلة الجمع

وعدد صفحات معين للجرد يوميا

ألزم نفسك بحزم، وإياك والتهاون.

8 احرص على أن لا تقرأ إلا وأنت حاضر الذهن.

9 أحسن ترتيب المادة التي جمعتها، وقسمها على الفصول في ملفات، وفي حال الاستفادة منها في أكثر من فصل: أرفقها في كل ملف، أو في الأسبق، ودوّن ملحوظة.

10 اجعل المراجع التي تجردها ثلاثة مستويات

كتب تقرأ بعناية

وأخرى تجرد سريعا

وثالثة بين بين

والضابط:أهمية الكتاب وقرب موضوعه من بحثك

وفقك الله

----------------------------- 



ثالثا : وصايا تتعلق بكتابة الرسالة :

قال الشيخ حفظه الله :

١

لطلاب الدراسات العليا

سبقت وصايا تتعلق اختيار موضوع الرسالة

وأخرى تتعلق بمرحلة جمع المادة العلمية

وفيما يأتي:وصايا تتعلق بكتابة الرسالة


٢

البحث العلمي مُركّب من ثلاثة عناصر: مادة علمية موثقة، ومنهج بحث متَّبع، وصياغة سليمة؛ فاحرص على بلوغ الجودة فيها، والمزج بينها بإتقان.


٣

العلاقة بين الباحث والمشرف: علاقة شراكة وتكامل وإفادة واحترام، وسط بين الاستعلاء والتكبر، وذوبان الشخصية.


٤

اجعل لنفسك جدولا ترتب فيه عملك، بحيث تعرف -بالتقريب- متى تبدأ كل مبحث ومتى تنتهي.

تذكر دائما أنك محكوم بمدة محدودة.


٥

لا أثقل من الانقطاع!

فإياك أن تنقطع عن بحثك ولو لفترة يسيرة؛ فالعودة بعدُ ستكون أثقل من جبل!


٦

الدقة .. الدقة: في المعلومة، والصياغة، والتحليل، والمناقشة، والاستنتاج.

زِن كل كلمة بميزان ذهب!


٧

اعتن بعلامات الترقيم؛ فإنها ليست شيئا ثانويا، وتضفي على بحثك رونقا وحسنا.


٨

توازن في العمل، واعدل بين المباحث في الجهد

أعط كل ذي حق حقه.


٩

للبحث العلمي شخصيته وجديته وأسلوبه.

إنه ليس مقالا صحفيا أو خواطر أدبية أو أحاديث مجالس.


١٠

أثناء الكتابة .. هما طرفان مذمومان: لا تحقر نفسك، ولا يصبك الغرور.


١١

حاول -ما استطعت- أن تحب بحثك وتفرح به!


وفقك الله، وسدد قلمك وقولك وعملك.



-------------------------------------------
تابع قناة فوائد الشيخ أ.د. صالح سندي على التيليجرام:
https://goo.gl/bRxreH
المدرس في المسجد النبوي 
ورئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة . 

تغريدات أ. د. صالح سندي ( موضوع متجدد )

- دع كل الضجيج الذي حولك
واجمع همتك على الاستعداد ليوم المعاد 
هو الحقيقة، وما سواها سراب .. {هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}

- {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}
حاجة العبد كلها .. بين شكره -تعالى- ومغفرته

- الألفاظ المجملة -ذات المعاني المحتملة- من أوسع أودية الباطل؛ إذ كلٌ سيحملها على هواه، ويوجهها إلى ما يشتهي
ولربما كان تحت الرغوة سُمٌ زعاف!

- أصول الدين ومحكماته ليست محلا للاجتهاد؛فهي (خطوط حمراء) لا يجوز التلاعب بحقائقها: الإسلام والكفر،الإيمان والشرك،الولاء والبراء،الحق والباطل.

- إنما يُحس بأوجاع الذنوب .. أهلُ القلوب
أما غيرهم .. فما لجرحٍ بميت إيلامُ

اللهم أصلح قلوبنا، وأيقظها من الغفلة.


- {ولو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}
التثبيت من الله
فدع-أيها الطائع-رعونة العُجب وصولة الطاعة
فلا يأمن تقلّب قلبه إلا جاهل بربه

- سل ربك قلبا سليما .. فالنجاة معلّقة -بعد رحمة الله- عليه
{يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إلَّا مَنْ أتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}


- {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
سليم من العلل والأدواء، ممتلئ بالتوحيد والمحبة لمولاه.

فيا سعادة من جاء ربه بقلب سليم ..

أصدق ما قالت العرب:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل*
وكل نعيم لا محالة زائل  


ومن أصدق ما قالت:

وما حملت من ناقة فوق رحلها*
أبر وأوفى ذمة من محمد

و:
والنفس راغبةٌ إذا رغّبتَها *
وإذا تُرد إلى قليل تقنعِ  

 و:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *
لا يذهب العُرف بين الله والناس 

و: 
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *
ويأتيك بالأخبار من لم تزود  

و:
اللهُ أنجح ما طلبت به *
والبرُّ خير حقيبة الرجل

و: 
ولست بمستبق أخا لا تلمه *
على شعثٍ؛ أي الرجال المهذب  

 و:
 إني لأرجو منك خيرا عاجلا *
والنفس مولعةٌ بحبّ العاجلِ
- إن بلغك الله رمضان ..
فصُم صوم مودِّع
فلا ضمان أن تدركه مرة أخرى

- قال ميمون بن مهران رحمه الله:«إن أهون الصوم:ترك الطعام والشراب»
مصنف ابن أبي شيبة2-271
أي أن صوم الجوارح عن المعاصي هو الذي يحتاج إلى مجاهدة


- رمضان فرصة لجبر التقصير؛ واستباق الخيرات:
تكبيرة اﻹحرام
الصف اﻷول
ورد القرآن
السنن الرواتب
الضحى
الصدقة
اﻷذكار
ترك فضول النظر، السماع، الكلام..

( فائدة "تأكيد أهل الاختصاص الفلكي بأن الحسابات الفلكية غير قطعية" 
قال الأستاذ الدكتور مجدي يوسف رئيس قسم الفلك في جامعة القاهرة سابقا: الحسابات والبرامج الفلكية غير متفقة والفلكيون غير مجمعين على نتيجة محددة ..

 ولهذا كان الاعتماد على الرؤية في الإثبات والنفي أسلم .

رؤية الهلال بالعين -وخاصة لدى من لديه القدرة البصرية- أفضل وأجدى من مشاهدته بالتلسكوبات الموجودة الآن؛ نظرا إلى أن الله حبا العين القدرة على تمييز الأشياء، بينما التلسكوبات مبنية على تجميع كل ما توجه  هذه المقربات دون تمييز

 http://t.co/w7xLXMcOV1 

ملاحظة: الرؤية بها معتبرة )

- تخطئة القارئ في النحو أثناء القراءة - دون أن يأذن للحاضرين، وفي غير القرآن والحديث، ومن غير شيخه- عُد من سوء الأدب؛ لتأثيره في نفسه، فهو تجهيل له .

ولله در القائل
ومصلح الشكل لدى حكاية*
غير حديث المصطفى والآية
من غير إذن منه أو قرينة*
قد فاته الأدب والسكينة"
الوسيط في تراجم أدباء شنقيط191

- حدثني شيخ من طلاب الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله- أنه لم يكن يصوب القارئ، ويقول: إن كان طالب علم سيعرف أنه أخطأ، وإن لم يكن؛ فلا ينفعه التصويب .

ضمني وعاميا مجلس، فهالني ما سمعت منه من شبهات أضل الفرق التي تلقفها من خلال الشبكة.
العقيدة سياج يعصم من الشبهات،
وكم تقصير الدعاة في تعليمها.

شُغل كثير من الدعاة عن العقيدة وأهملوا تعليمها -بالتفصيل- فسهل تأثر العامة بشبهات الضالين.

تأمل: كم نسبة خطب العقيدة ودروسها ومحاضراتها؟

- بعد أن أطبقت علينا "الأطباق"، واصطادتنا "الشبكة" : من لا يزال يظن أننا ذاك المجتمع المحصن عن اختراق شبهات أهل الضلال - فهو مغرق في الغفلة !

[ براءة ابن تيمية من تحريق داعش ]

فيما يلي تغريدات للشيخ أ. د. صالح سندي عن حرق داعش للطيار الأردني حيّاً :

• استشهاد داعش بكلام ابن تيمية -بشأن حرق الطيار- من جملة تلبيساتهم .
فابن تيمية يتكلم عن التمثيل بالكافر بعد قتله قصاصًا. 

• أي أن "الكافر" إذا قَتل مسلمًا ثم مَثّل به -بأنْ قطع منه عضوًا ونحوه- جاز بعد أسر الكافر أن يُمثّل به إذا قُتل قصاصًا .

• ولاحظ ما ذكره في المنهاج (1/ 51-52) وما قاله قاله كثير من الفقهاء غيره .

• أما أن يُحرق "مسلم" في قفص فهذا ليس من المثلة. 

• ففرق بين التمثيل وبين كيفية القتل -إن كانوا يفهمون-
وليس عن ابن تيمية حرفٌ واحد بأن تحريق الأسير جائز: تمثيلا به!

• على أن قتلهم للكساسبة لا يجوز بحال؛ 
فهو إن كان عندهم مسلماً متأولًا: فلا يجوز قتل الأسير المسلم؛ فضلاً عن تحريقه. 

• وإن كان عندهم مرتدًا بقتالهم: فقد أظهر الندم والتوبة وهو بين أيديهم؛ أي أنه صار مسلماً
فلا يجوز قتله، ولو كان قد نكل من قبلُ بهم .

• وحديث أسامة -رضي الله عنه- صريح في هذا
فبأيِّ حجة قتلوه حرقاً بهذه الصورة البشعة ؟

• على أنه لو سُلّم -تنزلاً- بأنهم أرادوا القصاص مما فعل -وهو غير وارد هنا كما سبق-
فيقال: شرط القصاص: المماثلة؛ فيفعل به كما فعل . 
فهل أدخل الطيار -بقصد وعمد- رجلاً منهم في قفص من الحديد وأحرقه وهو حيّ ؟!

نعوذ بالله من مضلات الفتن. 
• الخلاصة: أن ابن تيمية ليس معصومًا، وكلامه يؤخذ منه ويترك؛ كغيره .
لكن من الظلم البيّن أن تلصق به قبائح هؤلاء الموتورين .

أخيرا
كلامي له إطار محدد:وهو نسبة حرق الطيار إلى آراء ابن تيمية
لا تسويغ ما هو واقع
وأبرأ إلى الله من الاعتداء على المعصومين أيا كانوا.
#براءة_ابن_تيمية_من_داعش
ا. هـ
[تغريدات مختارة للشيخ د.صالح سندي (١)]

- أظلت مصر فتنة عمياء صماء ، أشفق منها القريب والبعيد
فرحم الله من سعى في نزع فتيلها، أو قال خيرا، أو سكت عن شر
اللهم الطف بهم، ولا تجعل بأسهم بينهم .

- لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم
نرى اليوم مسلما يقتل مسلما: تعصبا لحزب، أو عليه !
قبحا لعصبيات منتنة، وأحزاب مزقت الأمة.

- "قصة لعبة"
مظاهرة تسقط حاكما لتنصب آخر
تحلو اللعبة
مظاهرة لخلعه لتضع ثالثا
وهلم جرا !
بين ذلك: تسفك دماء، ويختل أمن !
ليكن !
المهم أن تستمر اللعبة!

- قالوا بالأمس: الديمقراطية التي تولد من رحم صندوق الانتخابات هي الضامن للاستقرار والرفاهية والعدالة الاجتماعية
فهل أدركوا اليوم أنها خديعة كبرى؟

- بعض الدعاة "القُصاص" الذين "يطعّمون" خطابهم بقصص غريبة مصادمة للعقل -يوقعون المتلقي في إشكال كبير؛ إذ قد تكون ردة فعله: الشك في الخطاب الدعوي برمته .

- فتوى النفير للجهاد لا تناط بالخطب الحماسية؛ وإنما بـ"فقه الواقع" وتقدير المصالح العسكرية والسياسية، وإدراك مواطن الحاجة ، ثم زنة ذلك بميزان الشرع .

- طالبَ العلم: كتابُ الله منه تفجر أنهار العلوم جميعا .. وسيزداد يقينك بهذا كلما ازددت علما ورسوخا؛ فلا يصدنك عن حفظه وتدبره صادّ .

- من المشايخ السابقين -الذين أدركت- مَن كان يقول:
(طالب العلم الذي لا يحفظ القرآن مثل "الزاد" الذي ليس فيه ملح)!

- طالبَ العلم: الدعوة أمانة؛ فإن استطعت أن لا تكون سببا للصد عن الخير-  دون أن تشعر - فافعل ؛ فإن أثر "ترك السلام، والتجهم، والغلظة" في نفوس العامة عظيم.

- الإشاعة بضاعة نافقة هذه الايام، وفي الحديث : (كفى بالمرءكذبا أن يحدث بكل ما سمع)خرجه مسلم
المسلم العاقل لا يحدث بكل ما يسمع، ولا يصدق كل ما يشاع .

[تغريدات مختارة للشيخ د.صالح سندي (٢)]

- إن قام قريب أو بعيد لنصرة إخواننا السوريين أو لم يقم؛ فإن الواجب أن لا تتعلق القلوب بسبب، ولا يعظم رجاؤها إلا بمسببه(وما النصر إلا من عند الله)

- يا طالب العلم: إياك أن تظن أن نصر الدين متوقف على دعوتك واجتهادك؛فدين الله منصور قطعا (وإن تتولوا ..)
بل أنت أحوج إلى الدعوة منها إليك.

- الألفاظ المجملة -حمالة الأوجه- وسيلة المبطلين لنشر الضلال، "وتحت الرغوة السم الزعاف"!
ولا عجب أن يُخدع جاهل بها؛لكن ما عذر طالب العلم؟!

- سوار الطاقة
لم تثبت الدراسات العلمية نفعه،بل بينت أن زعم تأثيره في تحسين القوة والتوازن والمرونة-محض دجل
وعليه فهو نموذج للتمائم المعاصرة

- نص الفقهاء (انظر مثلا:روضة، إقناع، كشاف) على أنه: لا يجوز حلب الدابة إذا كان يضر ولدها!
وعليه أن يقلم أظفاره لئلا يؤذي ضرعها!
أرأيتم عظمة هذا الدين!

- لا يجوز في ديننا حلب الدابة إذا أضر بها
ولا ترك الحلب إذا أضر بها!
وعلى مالك النحل أن يبقي له شيئا من العسل بقدر حاجته!
أليس دين الرحمة؟

- في فقهنا:
على مالك دود القز علفه بورق توت، أو تخليته كله لئلا يهلك بغير فائدة!
في أي دين سوى ديننا توجد هذه الدقة والرحمة ومراعاة المشاعر؟!

- نحن في زمن ضعف العلم وكثرة الريَب،فينبغي الحرص على محاصرة الشُبه وإماتتها،لا نشرها؛فالقلوب ضعيفة.
قال الثوري:من سمع بدعة فلا يحكها لجلسائه.

- أهل السنة بحمد الله على عقيدة واحدة، وكتبهم كأن مؤلفها واحد؛ لا فرق بين متقدم منهم ومتأخر .
فليربع على نفسه من توهم فجوة بين ابن تيمية والسابقين .

- لا ينبغي أن تطلب لحاسدك عقوبة أكثر مما هو فيه!



-(إن الأمر كله لله) (بل لله الأمر جميعا) (أن القوة لله جميعا) يا لله! ما أحسن موقعها من النفوس المؤمنة وكم تكسوها من الطمأنينة والثبات!


 - الدعوة السلفية: أساس قامت عليه هذه البلاد وتراثها: عماد المناهج الدراسية، الدروس، الخطب عقودا طويلة . النتيجة: أمن ووحدة، لا غلو وتقتيل فلم المغالطة؟

-من ظن أن حقدا يداني حقد الرافضة على أهل السنة فهو مخطئ اللهم اكف أهل اليمن شر الحوثيين وآتهم من لدنك رحمة، وهيء لهم من أمرهم رشدا


-الراجح في قصد ما هو من ضرورات العبادة-كالحمية مع الصوم مثلا-: أنه ليس قادحا في الإخلاص؛فهو واقعٌ قصد أولم يقصد وإن كان قصد العبادة محضا أكمل

 
-تركي الدخيل(عكاظ/اليوم):يقرر أنسنة الدين:"الدين للإنسان،وليس الإنسان للدين" وهو قول باطل،يصادم قوله تعالى:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)

 
-{يوصيكم الله في أوﻻدكم} بنين وبنات فهم ودائع عندكم -معشر اﻵباء واﻷمهات- لترعوا مصالحهم الدينية والدنيوية وصية الله عظيمة؛ فاحفظوها أو ضيعوها


-الكِبر داءٌ قاتل وأعظم صارف عن الحق: {إن في صدورهم إلا كبر} {ثم أدبر واستكبر} ولا دواء له إلا الإيمان فهما أمران متقابلان: {فآمن، واستكبرتم}

-من سوء أدب الولد مع والديه أن يجالسهما -وهما يشتهيان حديثه- وهو مشغول عنهما بجواله! أعجبني شاب بارّ يضع جواله في سيارته قبل زيارة أمه


- يسأل بعض الأحبة عن تغريدة المخذول تركي الحمد (جاء رسولنا الكريم ليصحح عقيدة إبراهيم..). هل تحتمل معنى غير ما يتبادر منها؟

والجواب:

أولا: الجملة لها ظاهر؛ وهو اتهام واضح لعقيدة إبراهيم ثم محمد -عليهما الصلاة والسلام- لتصريحه بتصحيح الأولى واحتياج الثانية لتصحيح. والحمل على الظاهر هو الأصل، ولا عدول عنه إلا بدليل أو قرينة واضحة.

ثانيا: هذا المخذول ليس أهلا لحسن الظن وأن يلتمس لكلامه المخارج. فتاريخه المظلم وزندقاته السوابق لا تخفى؛ فبساط الحال يؤكد ما ظهر من كلامه.

ثالثا: ما زعمه بعضهم: من أنه قصد تصحيح ما علق بدينهما من أخطاء فهذا لا وجه له؛ فأولا: كلنا يعلم أن الدفاع عن الإسلام ليس شغله الشاغل! ثم: استعمال عبارة:"عقيدة إبراهيم"و"عقيدة محمد"في هذا السياق غير مألوف. ثم: نبينا عليه الصلاة والسلام ما جاء بتصحيح ما لحق بدين إبراهيم فحسب؛ بل بنسخ كل الأديان، وتصحيح كل العقائد الفاسدة (ليظهره على الدين كله). ثم: مثل تركي لا يخفاه أن الأخطاء والبدع قد نسبت إلى الإسلام منذ القرون الأولى؛فما وجه قوله:(وجاء زمن نحتاج فيه إلى من يصحح..)؟!

أخيرا:في الزمن الذي تتطاول فيه أعناق الزنادقة: لا بديل عن الحزم، ولا محل للتغافل، ولو أخذ سيف الحق من رقابهم مأخذه ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

وقال تركي الحمد: (كل الأديان تدعوا إلى الحب..فمن وجد في قلبه ذرة من كره فهو ليس على شييء). وكذب! كأنه ما قرأ:(كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا)، وحديث: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)، وحديث: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله).
 
[تغريدات أ. د. .صالح سندي - تويتر  @Drsalehs  ] 
 

الأربعاء، 22 يوليو 2015

من الجفاء

| من الجفاء |

1- أعظم الجفاء جفاء الإنسان ربَّه " فلا جَفَاء أعظم ممَّن صبر عن معبوده وإلهه ومولاه، الذي لا مولى له سواه، ولا حياة له ولا صلاح ولا نعيم إلَّا بمحبَّته والقرب منه، وإيثار مرضاته على كلِّ شيء، فأيُّ جفاء أعظم مِن الصَّبر عنه "
[ ابن القيم ]

2- قال صلى الله عليه وسلم :
" البَذَاء من الجفاء، والجفاء في النار "
رواه الترمذي وصححه الألباني.

 (البَذَاء) هو خلاف الحياء ، والنَّاشئ منه الفُحْش في القول، والسُّوء في الخُلُق.
(الجَفَاء) هو خلاف البِرِّ . وأهل الجفاء التَّاركون للوفاء، الثَّابتون على غلاظة الطَّبع وقساوة القلب في النَّار .
[ مرقاة المفاتيح ]

3- " من الجفاء أن تسمع الأذان يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر ثم لا تجيبه" .
[ابن مسعود]

4- " من الجفاء أن يدعو الرجل والده باسمه " .
[طاوس بن كيسان]

5- " من الجفاء ... رجل أو امرأة يدعو لنفسه ولا يدعو لوالديه والمؤمنين" .
 [سفيان الثوري]

6 ، 7 ، 8 ، 9 - " أربعة تُـعَدُّ مِن الجَفاء:
دخول الرَّجل المسجد يصلِّي في مؤخَّره، ويدع أن يتقدَّم في مقدَّمه؛
ويمرُّ الرَّجل بين يدي الرَّجل وهو يصلِّي؛
ومسح الرَّجل جبهته قبل أن يقضي صلاته؛ ومؤاكلة الرَّجل مع غير أهل دينه " 
[ سعيد بن جبير ]

10- " ما يفعله بعض النَّاس مِن الجَفَاء والغِلْظَة بالنِّسبة للصِّبيان، فتجده لا يمكِّن صبيَّه مِن أن يحضر على مجلسه، ولا أن يمكِّن صبيَّه مِن أن يطلب منه شيئًا، وإذا رآه عند الرِّجال انتهره، فهذا خلاف السُّنَّة، وخلاف الرَّحمة " .  
[ ابن عثيمين ]

التهنئة في المسرات

| التهنئة في المسرات |

" الأصل أن التهنئة بعموم المسرات جائزة، ونقل ابن بطة في 'الإبانة' إجماع الناس عليه بقوله (لم يزل الناس على تهنئة بعضهم ببعض في حج أو عمرة أو غيرها بقولهم: تقبل الله منا ومنكم) 
فهذا الإجماع دليل قاطع على جواز التهنئة في المسرات الزائدة على الأعياد .

فللإنسان أن يهنئ بنجاح أخيه أو عودته من سفره أو عمرته أو حجه .

وكلما كان عمِل عملا من الطاعات قال فيه : تقبل الله منا ومنك ، وإذا كان لغيرها جاء بغير تلك الألفاظ ، المناسبة للمحل .

إلا أنه يُزجَر عن موافقة أهل الكتاب والمشركين في ألفاظ تهنئتهم وعاداتهم .

فالأصل الكلي في التهنئة هو الجواز .

أما المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن التابعين فذلك يتأتَّى في القاعدة التالية :

أولا : ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والثابت عنه في ذلك ثلاثة أشياء:

١-الزواج، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ إنسانا - يعني إذا هنأه في نكاحه - قال " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير " . رواه أبو داود بسند صحيح.

- هل يهنَّأ به المتزوج عند العقد أو عند الدخول أو بعد الدخول ؟
أما على التوسعة والجواز فالذي يظهر أن ذلك سائغ من جهة الجواز .
وأما من جهة السنة فالذي يظهر أنها تكون بعد الدخول؛ لأن الناس كانوا يلتقون بالمتزوج بعد دخوله بزوجته، فكان المتزوج يدخل بمتزوجته ثم يولم بعد ذلك كما ثبت في السنة.

٢- التوبة، وفيه قصة كعب بن مالك وقول الصحابة له: (لتهنك توبة الله عليك) كما في الصحيحين.
وهذا من السنة للإقرار عليه من النبي صلى الله عليه وسلم.

٣- العلم، قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبيِّ بن كعب: "ليهنِك العلم يا أبا المنذر"

ثانيا: ما ثبت عن الصحابة، وذلك شيء واحد: وهو التهنئة بالعيد .
فقد صح عنهم - على الإجمال - الأثر الذي جاء عن جبير بن نفير قال :
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم .

ثالثا: ما ثبت عن التابعين، وذلك شيئان هما: العيد والتهنئة بالمولود .
فقد ثبت عن أيوب السختياني أنه كان إذا هنَّأ رجلا بمولود قال له: جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وثبت مثله عن الحسن البصري.

فهذه الأبواب الخمسة من أبواب الديانة:
العلم، والتوبة، والزواج، والعيد، والولد، هي التي جاءت بها المنقولات عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن التابعين .
وما عدا ذلك يكون من جملة المباح الجائز، ما لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب " .

[ مستفاد من تطريز الشيخ د. صالح بن عبدالله العصيمي على 'جزء في التهنئة في الأعياد وغيرها' لابن حجر ]
وقال الشيخ صالح العصيمي في موضع آخر :

أما البشارة والتهنئة برمضان فالأحاديث المروية في البشارة برمضان ضعيفة، ولا يثبت في ذلك أثرٌ مرفوع ولا موقوف، لكنه من جملة العادات.

فالصحيح أن التبشير برمضان -وفي ضمن ذلك التهنئة به- أنه من جملة ما اعتاده الناس، وما اعتاده الناس ولم يكن مخالفاً للشرع فالأصل فيه الإباحة.

وهذه قاعدة في التهاني سبق أن بيَّناها، وذكرها جماعة من القدماء منهم أبو الحسن المقدسي شيخ المنذري، ومنهم العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.
فالأصل في التهاني بما اعتاده الناس الجواز والإباحة، إلا أن تُخالف أصلاً شرعياً، كأن يهنئه بعيد من أعياد الكفار، أو عيد مبتدع؛ فهذه محرمة ولو صارت عادةً للناس.
------------------------
تابع قناة مجمع الفوائد على التيليجرام
لنشر الفوائد الشرعية وبث المواعظ الأثرية.
https://goo.gl/Wwkq6O

الأحد، 19 يوليو 2015

صيام الست من شوال أيام العيد

[ صيام الست من شوال ايام العيد ]

قال معالي الشيخ د. محمد المختار الشنقيطي عضو هيئة كبار العلماء :

- الأفضل الذي تطمئن إليه النفس، أن الإنسان يترك أيام العيد للفرح والسرور،

- ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أيام منى: (إنها أيام أكل وشرب)، كما جاء في حديث عبد الله بن حذافة : (فلا تصوموها) ، فإذا كانت أيام منى الثلاثة لقربها من يوم العيد أخذت هذا الحكم، فإن أيام الفطر لا تبعد فهي قريبة.

- ولذلك تجد الناس يتضايقون إذا زارهم الإنسان في أيام العيد فعرضوا عليه ضيافتهم، وأحبوا أن يصيب من طعامهم فقال: إني صائم، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما دعاه الأنصاري لإصابة طعامه ومعه بعض أصحابه، فقام فتنحى عن القوم وقال: إني صائم، أي: نافلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أخاك قد تكلّف لك فأفطر وصم غيره).

- فحينما يدخل الضيف في أيام العيد، خاصة في اليوم الثاني والثالث، فإن الإنسان يأنس ويرتاح إذا رأى ضيفه يصيب من ضيافته، كونه يبادر مباشرة في اليوم الثاني والثالث بالصيام لا يخلو من نظر، فالأفضل والأكمل أن يطيب الإنسان خواطر الناس، وقد تقع في هذا اليوم الثاني والثالث بعض الولائم، وقد يكون صاحب الوليمة له حق على الإنسان كأعمامه وأخواله، وقد يكون هناك ضيف عليهم فيحبون أن يكون الإنسان موجوداً يشاركهم في ضيافتهم، فمثل هذه الأمور من مراعاة صلة الرحم وإدخال السرور على القرابة لا شك أن فيها فضيلة أفضل من النافلة.

- والقاعدة تقول: (أنه إذا تعارضت الفضيلتان المتساويتان وكانت إحداهما يمكن تداركها في وقت غير الوقت الذي تزاحم فيه الأخرى، أُخرت التي يمكن تداركها)، فضلاً عن أن صلة الرحم لاشك أنها من أفضل القربات فصيام ست من شوال وسّع الشرع فيه على العباد، وجعله مطلقاً من شوال كله، فأي يوم من شوال يجزئ ما عدا يوم العيد.

- بناءً على ذلك فلا وجه لأن يضيق الإنسان على نفسه في صلة رحمه، وإدخال السرور على قرابته ومن يزورهم في يوم العيد، فيؤخر هذه الست إلى ما بعد الأيام القريبة من العيد؛ لأن الناس تحتاجها لإدخال السرور وإكرام الضيف، ولا شك أن مراعاة ذلك لا يخلو الإنسان فيه من حصول الأجر، الذي قد يفوق بعض الطاعات كما لا يخفى.

[ من شرح زاد المستقنع_ باب: صوم التطوع]




الخميس، 16 يوليو 2015

اجتماع الجمعة والعيد


فتوى مفصلة من اللجنة الدائمة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فقد كثر السؤال عما إذا وقع يوم عيد في يوم جمعة فاجتمع العيدان: عيد الفطر أو الأضحى مع عيد الجمعة التي هي عيد الأسبوع هل تجب صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد أم يكتفي بصلاة العيد ويصلي بدل الجمعة ظهرا ، وهل يؤذن لصلاة الظهر في المساجد أم لا ؟ إلى آخر ما حصل عنه السؤال ، فرأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار الفتوى الآتية :
في هذه المسألة أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة منها :
1- حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه ، سنن النسائي صلاة العيدين (1591) ، سنن أبي داود الصلاة (1070) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1310) ، مسند أحمد (4/372) ، سنن الدارمي الصلاة (1612). أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأله : هل شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عيدين اجتمعا في يوم واحد ؟ قال : نعم ، قال : كيف صنع ؟ قال : صلى العيد ثم رخص في الجمعة ، فقال : من يشاء أن يصلي فليصل رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والحاكم في (المستدرك) وقال : (هذا حديث صحيح الإسناد ،
1 ولم يخرجاه ، وله شاهد على شرط مسلم ) ووافقه الذهبي وقال النووي في (المجموع) : (إسناده جيد) .
2- وشاهده المذكور هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : سنن أبي داود الصلاة (1073). قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون رواه الحاكم كما تقدم ورواه أبو داود وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وغيرهم .
3- وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1312). اجتمع عيدان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فصلى بالناس ثم قال : من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ومن شاء أن يتخلف فليتخلف رواه ابن ماجه ورواه الطبراني في (المعجم الكبير) بلفظ : سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1312). اجتمع عيدان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يوم فطر وجمعة ، فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – العيد ، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال : يا أيها الناس : إنكم أصبتم خيرا وأجرا ، وإنا مجمعون ، فمن أراد أن يجمع معنا فليجمع ، ومن أراد أن يرجع إلى أهله فليرجع .
4- وحديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1311). اجتمع عيدان في يومكم هذا ، فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمعون إن شاء الله رواه ابن ماجه ، وقال البوصيري (إسناده صحيح ورجاله ثقات) انتهى .
5- ومرسل ذكوان بن صالح قال : سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1311). اجتمع عيدان على عهد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يوم جمعة ويوم عيد ، فصلى ثم قام فخطب الناس فقال : قد أصبتم ذكرا وخيرا ، وإنا مجمعون فمن أحب أن يجلس فليجلس – أي في بيته – ومن أحب أن يجمع فليجمع رواه البيهقي في (السنن الكبرى) .
6- وعن عطاء ابن أبي رباح قال : سنن أبي داود الصلاة (1071). صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا ، وكان ابن عباس بالطائف ، فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال : أصاب السنة رواه أبو داود وأخرجه ابن خزيمة بلفظ آخر وزاد في آخره : (قال ابن الزبير : رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا) .
7- وفي (صحيح البخاري ) رحمه الله تعالى ، و (موطأ الإمام مالك ) رحمه الله تعالى ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر : قال أبو عبيد : (شهدت العيد مع عثمان بن عفان ، وكان ذلك يوم الجمعة ، فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال: يا أيها الناس ، إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان ، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له).
8- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال – لما اجتمع عيدان في يوم -: (من أراد أن يجمع فليجمع ، ومن أراد أن
يجلس فليجلس) قال سفيان : (يعني يجلس في بيته) رواه عبد الرزاق في المصنف ونحوه عند ابن أبي شيبة.
وبناء على هذه الأحاديث المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – وعلى هذه الآثار الموقوفة عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى ما قرره جمهور أهل العلم في فقهها ، فإن اللجنة تبين الأحكام الآتية :
1- من حضر صلاة العيد فيرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة ، ويصليها ظهرا في وقت الظهر ، وإن أخذ بالعزيمة فصلى مع الناس الجمعة فهو أفضل .
2- من لم يحضر صلاة العيد فلا تشمله الرخصة ، ولذا فلا يسقط عنه وجوب الجمعة ، فيجب عليه السعي إلى المسجد لصلاة الجمعة ، فإن لم يوجد عدد تنعقد به صلاة الجمعة صلاها ظهرا .
3- يجب على إمام مسجد الجمعة إقامة صلاة الجمعة ذلك اليوم ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد إن حضر العدد الذي تنعقد به صلاة الجمعة ، وإلا فتصلى ظهرا .
4- من حضر صلاة العيد وترخص بعدم حضور الجمعة فإنه يصليها ظهرا بعد دخول وقت الظهر .
5- لا يشرع في هذا الوقت الأذان إلا في المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة فلا يشرع الأذان لصلاة الظهر ذلك اليوم .
6- القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غير صحيح ، ولذا هجره العلماء وحكموا بخطئه وغرابته ؛ لمخالفته السنة وإسقاطه فريضة من فرائض الله بلا دليل ، ولعل قائله لم يبلغه ما في المسألة من السنن والآثار التي رخصت لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور صلاة الجمعة ، وأنه يجب عليه صلاتها ظهرا والله تعالى أعلم .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
عضو 
عبد الله بن غديان 
عضو 
صالح الفوزان
عضو  
بكر أبو زيد     

الفتوى رقم: ( 21162 )


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في سياق ذكر الأقوال في المسألة : 
"والقول الثالث : وهو الصحيح: أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة ، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ، ومن لم يشهد العيد ،
🔹وهذا هو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : كعمر ، وعثمان ، و ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن الزبير وغيرهم .
🌴ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف ، وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ...
🔹وأيضاً فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع ، ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة ، فتكون الظهر في وقتها ، والعيد يحصل مقصود الجمعة .
🌴وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم ، وتكدير لمقصود عيدهم ، وما سن لهم من السرور فيه ، والانبساط ، فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال ،
🔹ولأن يوم الجمعة عيد ، ويوم الفطر والنحر عيد ، ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل إحداهما في الأخرى ، كما يدخل الوضوء في الغسل ، وأحد الغسلين في الآخر " .

💎وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( وإذا وافق العيد يوم الجمعة جاز لمن حضر العيد أن يصلى جمعة وأن يصلي ظهراً ، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا ، ... ولكن لا يدع صلاة الظهر ، والأفضل أن يصلي مع الناس جمعة ، فإن لم يصل الجمعة صلىَّ ظهراً ، أما الإمام فيصلي بمن حضر الجمعة إذا كانوا ثلاثة فأكثر منهم الإمام ، فإن لم يحضر معه إلا واحد صليا ظهراً )