الاثنين، 17 أكتوبر 2016

أصول مهمة في تربية الأبناء


من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه #تحفة_المودود بأحكام المولود .

| مراقبة الله تعالى |

(فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده ، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا...، ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله: عبدالله، وعبدالرحمن، بحيث إذا وعى الطفل وعَقَل، علِم أنه: عبدالله، وأن الله هو سيده ومولاه ) .
[ص339]

| حسن الخُلُق |


(مما يَحتاج إليه الطفل غايةَ الاحتياج:
الاعتناءُ بأمر خُلُقه؛ فإنه ينشأ على ما عوَّده المربي في صغره: من حرد وغضب، ولجاج وعجلة، وخفةٍ مع هواه، وطيش وحِدَّة وجشع، فيصعُبُ عليه في كِبرِه تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاقُ صفاتٍ وهيئاتٍ راسخةً له، فلو تحرَّزَ منها غايةَ التحرُّز؛ فضَحَتْه - ولا بد - يومًا ما .
ولهذا تجدُ أكثرَ الناس منحرفةً أخلاقُهم! وذلك من قِبَل التربية التي نشَأ عليها.
ولذلك يَجِبُ أن يُجنَّب الصبيُّ إذا عَقِل:
مجالسَ اللَّهو والباطل،
والغناء،ِ
وسماعِ الفُحْش،
والبدع،
ومنطق السوء؛
فإنه إذا عَلِق بسمعِه عَسُر عليه مفارقتُه في الكِبَر، وعزَّ على وليِّه استنقاذُه منه، فتغييرُ العوائد من أصعب الأمور! يحتاج صاحبُه إلى استِجْداد طبيعةٍ ثانية، والخروج عن حكم الطبيعة عَسِرٌ جدًّا).
[ص349]

| اجتناب الأخذ من الغير |


(وينبغي لوليِّه أن يُجنِّبَه الأخذَ من غيره غايةَ التجنُّب؛ فإنه مَتى اعتاد الأخذَ صار له طبيعةً، ونشأ بأن يأخذ لا بأن يُعطيَ، ويُعوِّدَه البذلَ والإعطاء، وإذا أراد الوليُّ أن يعطي شيئًا أعطاه إياه على يده؛ ليذوق حلاوة الإعطاء).
[ص350]

| اجتناب الكذب |


(ويُجنِّبُه الكذب والخيانة أعظمَ مما يُجنِّبُه السُّمَّ الناقع؛ فإنه متى سَهَّل له سبيل الكذب والخيانة: أفسَدَ عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحَرَمه كلَّ خير)
[ص350]

| اجتناب الكسل |

(ويُجنِّبُه الكسل والبطالة، والدَّعة والراحة، بل يأخذه بأضدادِها، ولا يُريحُه إلا بما يُجمُّ نفسه وبدنَه للشُّغلِ، فإن للكسل والبطالة عواقبَ سوءٍ، ومغبَّةَ ندم، وللجِدِّ والتعب عواقب حميدة: إما في الدنيا، وإما في العُقْبى، وإما فيهما، فأروحُ الناس أتعبُ الناس، وأتعب الناس أروحُ الناس، فالسِّيادة في الدنيا، والسعادة في العُقبَى؛ لا يوصَل إليها إلا على جسرٍ من التعب، قال يحيى بنُ أبي كثير: لا يُنالُ العلم براحة الجسد).
[ص350]


| اجتناب شهوات البطن والفرج |


(ويُجنِّبُه مضارَّ الشهوات المتعلقة بالبطن والفرجِ غاية التجنب؛ فإن تمكينَه من أسبابها، والفَسْح له فيها، يُفسِدُه فسادًا يَعزُّ عليه بعدَه صلاحُه، وكم ممَّن أشقى ولدَه وفلذةَ كبدِه في الدنيا والآخرة بإهماله وتركِ تأديبه، وإعانته له على شهواته، ويزعم أنه يُكرِمه وقد أهانه، وأنه يَرحمه وقد ظلَمه وحرَمَه! ففاته انتفاعُه بولده، وفوَّت عليه حظَّه في الدنيا والآخرة! وإذا اعتبرتَ الفساد في الأولاد رأيتَ عامَّتَه من قِبَل الآباء).
[ص351]

| اجتناب المسكرات |

"والحذرَ كلَّ الحذرِ من تمكينِه مِن تناوُلِ ما يُزيلُ عقلَه من مُسكرٍ وغيره، أو عِشْرةِ مَن يُخشَى فسادُه، أو كلامه له، أو الأخذ في يده، فإنَّ ذلك الهلاكُ كلُّه، ومتى سَهُل عليه ذلك فقد استسهل الدياثة، ((ولا يدخل الجنة ديوث))؛ رواه أحمد، فما أفسَد الأبناءَ مثلُ تغافُل الآباء وإهمالِهم، واستسهالهم شَرَر النار بين الثياب!)
[ص351]


| توجيه الابن لما هو مستعد له |

• ( ومما ينبغي أن يُعتمَد: حالُ الصبي، وما هو مستعدٌّ له من الأعمال ومهيَّأ له.

فإذا رآه حسَنَ الفهم، صحيح الإدراك، جيِّد الحفظ واعيًا - فهذه مِن علامات قَبوله وتهيئته للعلم، ليَنقُشَه في لوح قلبه ما دام خاليًا، فإنه يتمكَّنُ فيه، ويستقر ويزكو معه.

وإن رآه بخلاف ذلك من كلِّ وجهٍ وهو مستعدٌّ للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي، واللعب بالرمح، وأنه لا نَفاذ له في العلم، ولم يُخلَقْ له = مكَّنه من أسباب الفروسية والتمرُّن عليها، فإنه أنفعُ له وللمسلمين.

وإن رآه بخلافِ ذلك، وأنه لم يُخلَق لذلك، ورأى عينَه مفتوحةً إلى صَنعة مِن الصنائع، مستعدًّا لها، قابلاً لها، وهي صناعةٌ مُباحة نافعة للناس = فلْيُمكِّنْه منها.

هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه؛ فإنَّ ذلك مُيسَّرٌ على كلِّ أحد؛ لتقوم حجة الله على العبد، فإنَّ له سبحانه وتعالى على عباده الحجةَ البالغة، كما له عليهم النعمة السابغة، والله أعلم ).
[ص353]

| من آثار إهمال الآباء للأبناء |


(فأكثرُ الآباء يَعتمدون مع أولادهم أعظمَ ما يعتمد العدوُّ الشديد العداوةَ مع عدوِّه، وهم لا يشعرون؛ فكم من والدٍ حرَم ولدَه خيرَ الدنيا والآخرة، وعرَّضه لهلاك الدنيا والآخرة! وكلُّ هذا عواقبُ تفريطِ الآباء في حقوق الله، وإضاعتهم لها.
وإعراضهم عما أوجَبَ اللهُ عليه من العلم النافع، والعمل الصالح! = حرَمَهم الانتفاع بأولادهم، وحرَم الأولاد خيرَهم ونفعَهم لهم، وهو من عقوبة الآباء.

ويُجنِّبُه لُبْسَ الحرير؛ فإنه مُفسِدٌ له، ومُخنِّث لطبيعته، كما يجنبه اللِّواط، وشرب الخمر، والسرقة، والكذب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حُرِّم لِباسُ الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأُحِلَّ لإناثهم))؛ رواه الترمذي.

والصبي وإن لم يكن مكلفًا، فوليُّه مُكلَّفٌ، لا يحل له تمكينُه من المحرَّم؛ فإنه يعتاده، ويعسر فِطامُه عنه...)
[ص352]

و (من أهملَ تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدى، فقد أساءَ إليه غاية الإساءة.
وأكثرُ الأولاد إنما جاءهم الفساد من قِبَل الآباء وإهمالِهم، وتركِ تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً،
كما عاتب بعضهم ولدهُ على العقوق فقال: يا أبتِ إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا كبيراً ) .
[ص337]

⁩✿┈┈┈•🌴•┈┈┈✿
تابع قناة ( قال ابن القيم )
https://goo.gl/uzidpa