الجمعة، 21 يونيو 2013

خطبة مكتوبة عن (الحث على اتباع السنة وبيان خطر البدع)

خطبة مكتوبة عن (الحث على اتباع السنة وبيان خطر البدع)

الحمد لله الذي هَدانا للإِسلام، وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسُل ربنا بالحقِّ المبين، أحمده سبحانه، أكمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإِسلام دينًا إلى يوم الدِّين، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾

وأشهد أنْ لا إلا الله، وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ الأوَّلين والآخرين، أتقَن ما صنع، فما ترى في خَلْق الرَّحمن من تفاوت، فتبارك الله أحسن الخالقين، وأحكم ما شرع، فأغنى عن البِدَع، وحفظ الذِّكر فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تَنْزيل من حكيم حميد.

وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله النبيُّ الأمين، والرسول المبين، وإمام المُتَّقين، وخِيرَة الله من خلقه أجمعين، الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصَح الأمة، وترَكَها على بيضاء نقية، لا يزيغ عنها إلا هالك: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

فإنَّ نعمَ الله عزَّ وجلَّ على عباده كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى، وأجلُّ نعمة أنعم الله بها على الإنس والجنِّ في آخر الزمان أن بعث فيهم رسولَه الكريم محمداً عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم، فبلَّغهم ما أُرسل به إليهم من ربِّهم على التمام والكمال، وقد قال الإمام الزهري رحمه الله: (( مِن الله عزَّ وجلَّ الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ، وعلينا التسليم ))

فالذي من الله هو الرسالة، وقد حصل ذلك، كما قال الله عزَّ وجلَّ: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ))

والذي على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو البلاغ قد حصل على أكمل الوجوه وأتمِّها، كما قال تعالى ((وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)).

وأمَّا الذي على العباد وهو التسليم والانقياد، فقد انقسم الناس فيه إلى موفَّق متَّبع لسبيل الحقِّ، وغير موفَّق متَّبع للسبل الأخرى، كما قال الله عزَّ وجلَّ: ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)).

وهذه الشريعة باقية إلى قيام الساعة، قال الله عزَّ وجلَّ: ((مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ))، وقال صلى الله عليه وسلم "ولن تزال هذه الأمَّةُ قائمةً على أمر الله، لا يضرُّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله " متفق عليه.

وهي عامَّة للثقلَين الجن والإنس ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً))، وقال صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمَّة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلتُ به إلاَّ كان من أصحاب النار )) رواه مسلم .

وكما أن الشريعة باقية عامة فهي شريعة كاملة بلغت في الكمال منتهاه، وفي الحسن غايته ، قال الله ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))، وقال صلى الله عليه وسلم: (( تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك )) وقال رجل لسلمان الفارسي رضي الله عنه (( قد علَّمكم نبيُّكم صلى الله عليه وسلم كلَّ شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل! لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم ))، وقال صلى الله عليه وسلم قال: (( إنَّه لم يكن نبيٌّ قبلي إلاَّ كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمَّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرَّ ما يعلمه لهم ))، وقال أبو ذر رضي الله عنه : (( ترَكَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلاَّ عندنا منه علم )) صححه الألباني .

أيها المسلمون .. إن كلَّ عمل يُتقرَّب به إلى الله لا يكون مقبولاً إلاَّ إذا توفَّر فيه شرطان:

أحدهما: تجريد الإخلاص لله وحده، وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلاَّ الله. والثاني: تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى شهادة أنَّ محمداً رسول الله، قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)) : (( أخلصُه وأصوَبُه، قال: فإنَّ العملَ إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنَّة ))،

فكل عبادة يُتعبد اللهُ بِها يجب أن تتحقق فيها المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا يتحقق فيها ذلك إلاَّ بموافقتها للشريعة في ستة أوصاف، وتغيير صفةٍ من هذه الصفات بدعة، وهذه الصفات الست هي:

فلابد أولا أن تكون العبادة موافقة للشريعة في سببها، فأيُّ عبادة ليس لها سببٌ ثابتٌ بالشرع مردودة، مثل الاحتفال بمولد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- .

ولابد ثانيا أن تكون العبادة موافقة للشريعة في جنسها، فلو ضحى أحدٌ بفرس كان بذلك مخالفًا للشريعة.

ولابد ثالثا أن تكون العبادة موافقة للشريعة في قدرها، فمَن زاد في صلاة الظهر ركعتين لم يكن موافقًا للشريعة بالعبادة في قدرها.

ولابد رابعا أن تكون العبادة موافقة للشريعة في كيفيتها، فمن ابتدأ في وضوئه بغسل الرجلين ثم مسح الرأس لم يكن موافقًا للشريعة في كيفيتها.

ولابد خامسا أن تكون العبادة موافقة للشريعة في زمانِها، فلا تصح صلاة الظهر قبل الزوال.

ولابد سادسا أن تكون العبادة موافقة للشريعة في مكانِها، فلا يصح في اليوم التاسع من ذي الحجة الوقوف بغير عرفة.

أيها المسلمون ..

لقد تظافرت الأدلة والنصوص في آي الكتاب الحكيم وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحث على اتِّباع السنة والتحذير من البدع وأهلها .

قال تعالى ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))، والمسلم إذا جاءه الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له خيار ، بل استجابة واتباع وامتثال ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً))،

وكلِّ مَن ادَّعى محبَّةَ الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنَّه كاذبٌ في دعواه حتى يتَّبع الشرعَ المحمدي والدِّينَ النَّبوي في جميع أقواله وأفعاله ، قال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قومٌ أنَّهم يُحبُّون اللهَ فابتلاهم الله بهذه الآية

((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))

ولقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما فيه العصمة والسلامة من التفرق والاختلاف فقال "عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تَمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة ))

قال سهل بن عبد الله التستري: (( ما أحدث أحدٌ في العلم شيئاً إلاَّ سُئل عنه يوم القيامة، فإن وافق السنَّة سلِم، وإلاَّ فلا ))

وقال أبو عثمان النيسابوري: (( مَن أمَّر السنَّة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة )) قال الإمام مالك رحمه الله: (( مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ))، فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً ))

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه جاء إلى أناس متحلِّقين في المسجد، وبأيديهم حصى، وفيهم رجلٌ يقول: كبِّروا مائة، فيُكبِّرون مائة يعدُّون بالحصى، ويقول: هلِّلوا مائة، سبِّحوا مائة كذلك، فوقف عليهم فقال: (( ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نعدُّ به التكبيرَ والتهليلَ والتسبيحَ، قال: فعُدوا سيِّئاتكم فأنا ضامنٌ أن لا يَضيعَ من حسناتكم شيءٌ، وَيْحَكم يا أمّة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابةُ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابُه لَم تَبْلَ، وآنيتُه لَم تُكسر، والذي نفسي بيده إنَّكم لَعلَى مِلَّةٍ هي أهدى من مِلَّة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلاَّ الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه ... ))



أيها المسلمون ..

إن خطر البدع عظيم، وخطْبُها جسيم، والمصيبة بها كبيرة، وهي أشدُّ خطراً من الذنوب والمعاصي؛ لأنَّ صاحبَ المعصية يعلم أنَّه وقع في أمر حرام، فيتركه ويتوب منه، وأمَّا صاحب البدعة، فإنَّه يرى أنَّه على حقٍّ فيستمرّ على بدعته حتى يموت عليها، وهو في الحقيقة متَّبع للهوى وناكبٌ عن الصراط المستقيم، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: ((أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ))

والابتداع في الدين معاندةٌ للشرع ومشاقةٌ له. وهو محض اتباع الهوى فليس ثمَّة إلا طريقان:

إما طريق الشرع، وإما طريق الهوى... يقول الله عزّ وجلَّ: فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ

فالحكم محصور في أمرين لا ثالث لهما: إما الاستجابة للمصطفى، وإما اتباع الهوى.

والمبتدع عمله مردود عليه وهو مأزو غير مأجور، قال صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه

والتوبة محجوبة عن صاحب البدعة ما دام مصراً على بدعته، النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال : ((إنَّ الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته)) صححه الألباني.

وقال تعالى {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}

قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة)

والمبتدع لا يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

قال صلى الله عليه وسلم-: ((أنا فرطكم على الحوض، وليختلجنَّ رجال دوني فأقول: يا ربِّ أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم غيروا وبدّلوا. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: سحقًا سحقًا لمن غيَّر وبدّل)) رواه البخاريّ ومسلم

وصاحب كل بدعة ملعون على لسان الشريعة، قال صلى الله عليه وسلم" من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". متفق عليه.

ويحمل المبتدع إثمه وإثم من عمل ببدعته إلى يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم "من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"
أيها المسلمون ..
احذروا البِدَع، فإنها تُشَوِّه الدِّين، وتطمس معالم السُّنن، وتُحدِث الفتنة، وتضلُّ الناس عن طريق الجنَّة، وتجعلهم يَسِيرون في طريقٍ مُنتَهاه الجحيم، وتفرِّق الناس، وتجعل أهلها يُصرُّون على الحِنث العظيم، يتفرَّقون شِيَعًا ويتآمرون أحزابًا، وذلك شأن المشْرِكين، كما جاء بيانُ ذلك في القرآن المبين، وتجعلهم يفرِّقون دينهم كلُّ حزب بما لديهم فرحون، وقد نهاكم ربُّكم عن ذلك بقوله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾





الخطبة الثانية :

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه ، أما بعد :

عباد الله ..

اتَّبِعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفِيتم، واسلكوا طريق الحقِّ الذي إليه هُديتم، وعليكم بالسُّنة التي بها فُضِّلتم، تمَسَّكوا بها ولا تَسْتوحشوا من قِلَّة السَّالكين، واهجروا الضَّلالات، ولا تغتَرُّوا بكثرة الهالكين.

أيها المسلمون:

ما مِن بدعة تحْدث إلاَّ ويُمِيت الناس من السُّنن مثلها، ولا يُحدِث رجلٌ بدعةً إلاَّ وقد ترك مِن السُّنة ما هو خيرٌ منها، وما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلاَّ ازداد من الله بعدًا، وعملٌ قليلٌ في سُنَّة خير من عمل كثير في بِدْعة؛ فإنَّ الله تعالى إنما يتقبَّل من المُتَّقين، والمبتَدِع ليس من أهل التُّقى، بل هو من أهل العَمى، لا يقبل الله من صاحب بدعة صيامًا ولا صلاة، ولا حجًّا ولا جهادًا، ولا صَرْفًا ولا عدلاً؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من أحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ)).

فإذا عرفتم ذلك - معاشِرَ المسلمين - فاحذروا أنْ تجالسوهم أو تُصْغوا إليهم أو تَعِظوهم، فإنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد لعَنَهم ولعن من أعانهم، يقول في الحديث الصحيح: ((لعن الله مَن آوى مُحْدِثًا)).

فاحذَرُوا أنْ تقع عليكم اللعنة، واعلموا أنَّه قد جاء في الأثر أنَّ من جالس صاحب بدعة نُزِعت منه العصمة، ووُكِل إلى نفسه، ومن مشى إلى صاحب بدعة ليوقِّره، فقد مشى في هدم الإِسلام.

أيها المسلمون:

إن أهْل البِدَع يَعبدون الله بغير ما شَرع، فيفترون على الله الكذب، ويجْلِبون على أنفسهم التَّعب، ويقطعون السَّبيل، ويشغلون الناس بالأضاليل، لسان حالهِم أنَّ الله تعالى لم يُكمل دينه فيكملوه ، ولم يتمَّ نعمته فيتموه ، أو أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُبلِّغ الناس كلَّ ما أوحاه الله إليه، أو بلَّغه ولكن الصحابة لم يَفهموه أو لم يَهدوا الناس إليه، أو علموا شيئا لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أظلَمَهم لربِّهم! وما أقَلَّ توقيرَهم لنبيِّهم! وما أعظم جنايتهم على الصَّحابة! وما أضَرَّهم على أنفسهم! وما أشأمهم على مجتمعهم! وما أجرأَهم على دين ربِّهم! فيا ويلَهم، ما أعظم ما جنوه! وما أسوأ ما افتروه! فما حجَّتُهم عند الله يوم يُلاقونه، وصدق الله العظيم إذْ يقول: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾





وصلوا وسلموا عباد الله على من أمركم الله بالصلاة عليه ....


-----------------------------------------------
---------------------------
تابع قناة مجمع الفوائد على التيليجرام
لنشر الفوائد الشرعية وبث المواعظ الأثرية.
https://goo.gl/Wwkq6O