الأربعاء، 31 أغسطس 2016

فوائد عن الكسوف وأحكامه لابن عثيمين رحمه الله

فوائد عن الكسوف وأحكامه لابن عثيمين رحمه الله

========================

سبب الكسوف

" الكسوف له سبب حسي، وسبب شرعي، فالسبب الحسي في كسوف الشمس أن القمر يحول بينها وبين الأرض، فيحجبها عن الأرض إما كلها، أو بعضها، وكسوف القمر سببه الحسي حيلولة الأرض بينه وبين الشمس؛ لأنه يستمد نوره من الشمس، فإذا حالت الأرض بينه وبين الشمس ذهب نوره، أو بعضه، أما السبب الشرعي لكسوف الشمس وخسوف القمر فهو ما بينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما يخوف الله بهما عباده» ".
فتاوى ابن عثيمين 287/16
---------------------
الحكمة من صلاة الكسوف
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: ما الحكمة من صلاة الكسوف؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكمة من صلاة الكسوف متعددة الجوانب:
أولاً: امتثال أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلقد أمرنا أن نفزع إلى الصلاة.
ثانياً: اتباع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد صلاها.
ثالثاً: التضرع إلى الله عز وجل؛ لأن هذا الكسوف، أو الخسوف يخوف الله به العباد من عقوبة انعقدت أسبابها، فيتضرع الناس لربهم عز وجل؛ لئلا تقع بهم هذه العقوبة التي أنذر الله الناس بها بواسطة الكسوف أو الخسوف.
مجموع فتاوى ابن عثيمين  (16/320)
---------------------------------------

المشروع فعله عند الكسوف

"قال الصادق المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين كسفت الشمس فيما ثبت عنه في الصحيحين وغيرهما: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا الله حتى يكشف ما بكم» ، وفي حديث آخر عند البخاري: «هذه الآيات التي يرسلها الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره» . وفي حديث آخر: «فافزعوا إلى الصلاة» ، وفي حديث آخر: «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا» . وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: لقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعتاقة في كسوف الشمس، فهذه سبعة أشياء أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها عند الكسوف وكلها ثابتة في صحيح البخاري وهي:
1 الصلاة.
2 الدعاء.
3 الاستغفار.
4 التكبير.
5 الذكر.
6 الصدقة.
7 العتق."
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/290)
-----------------------------------

إعلام الناس بموعد الكسوف

سئل رحمه الله: هل الأولى الإخبار بموعد الكسوف حتى يستعد الناس؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأولى فيما أرى عدم الإخبار، لأن إتيان الكسوف بغتة أشد وقعاً في النفوس، ولهذا نجد أن الناس لما علموا الأسباب الحسية للكسوف، وعلموا به قبل وقوعه، ضعف أمره في قلوب الناس، ولهذا كان الناس قبل العلم بهذه الأمور، إذا حصل كسوف خافوا خوفاً شديداً، وبكوا وانطلقوا إلى المساجد خائفين وجلين، والله المستعان.
مجموع فتاوى ابن عثيمين 16/303
---------------------------------

التطويل في صلاة الكسوف

سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: من المعلوم أن السنة التطويل في صلاة الكسوف لكن إذا كان يشق على الناس فماذا أصنع؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول افعل السنة، فلست أرحم بالخلق من رسول الحق، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطال في صلاة الكسوف إطالة طويلة، حتى إن بعض الصحابة مع قوتهم، ومحبتهم للخير جعل بعضهم يغشى عليه ويسقط من طول القيام، ففي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يوم شديد الحر، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه، فأطال القيام حتى جعلوا يخرون» ، ولهذا انصرف النبي عليه الصلاة والسلام من صلاته وقد تجلت الشمس، مع أن كسوفها كان كلياً كما ذكره المؤرخون، وهذا يقتضي أن تبقى ثلاث ساعات أو نحوه والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقرأ ويصلي، فقرأ قبل الركوع الأول نحواً من قراءة سورة البقرة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقالت عائشة رضي الله عنها: «ما سجدت سجوداً قط كان أطول منها» ، وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: «فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله» ، ولم يقل عليه الصلاة والسلام إني سأرحم الخلق، وأقصر وأخفف.
لذا أفعل السنة، فمن قدر على المتابعة فليتابع، ومن لم يقدر فليجلس ويكمل الصلاة جالساً، وإذا لم يستطع ولا الجلوس كما لو حصر ببول أو غائط  فلينصرف. أما أن نترك السنة من أجل ضعف بعض المصلين، فهذا غير صحيح.
مجموع فتاوى ابن عثيمين  16/316  
-------------------------------------

ما تُدرَك به صلاة الكسوف

سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: هل يجوز للإنسان أن يعيد صلاة الكسوف تطوعاً وحده؟ وبماذا تدرك صلاة الكسوف بالركوع الأول أو الثاني؟
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة الكسوف فرض كفاية لا يجوز للمسلمين أن يدعوها، وقال بعض العلماء: إنها فرض عين، وإنه يجب على كل واحد أن يصلي صلاة الكسوف، وأكثر العلماء على أنها سنة مؤكدة، فأصح الأقوال أنها فرض كفاية، وأنه لابد أن تصلى، وصلاتها كما هو معلوم لا نظير لها في الصلوات، لأنها تصلى أولاً يكبر ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ قراءة طويلة جداً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يقوم فيقرأ الفاتحة وسورة طويلة، لكن دون الأولى، ثم يركع ويطيل الركوع، ثم يرفع ويطيل القيام، ثم يسجد ويطيل السجود، ثم يرفع ويطيل الجلوس، ثم يسجد ويطيل السجود، ثم يقوم للركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الأولى، إلا أنها دونها في كل ما يُفعل ثم يُسلم.
والمأموم إذا أدرك الركوع الأول فقد أدرك الركعة، وإن فاته الركوع الأول فاتته الركعة، فمثلاً إذا جئت والإمام في الركعة الأولى لكن قد رفع من الركوع الأول فلا تحتسب هذه الركعة، هذه فاتتك، فإذا سلم الإمام فقم وصل واقضِ الركعة الأولى بركوعيها، يعني تقوم ثم تقرأ الفاتحة وسورة، ثم تركع وترفع، ثم تقرأ الفاتحة وسورة، ثم تركع وترفع، ثم تسجد يعني تقضيها على صفة ما فاتك.
فالقاعدة أن من فاته الركوع الأول فقد فاتته الركعة فيقضيها كلها بركوعيها وسجوديها.
وإذا انتهت الصلاة وقد بقي الكسوف، فالذي ينبغي أن تبقى في المسجد، أو في بيتك لكن تدعو وتستغفر، وإن شئت فصل ولكن صلاتها جماعة لا تعاد على القول الصحيح. حتى لو انصرف الناس قبل أن تنجلي فإنهم لا يعيدون الصلاة جماعة، لكن من شاء أن يصلي وحده حتى ينجلي فلا بأس.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/315)
-------------------------------------------

تكرار صلاة الكسوف

سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: هل يجوز للإمام أن يصلي الكسوف مرتين متتاليتين لأنه أنهى صلاته الأولى والقمر مازال كاسفاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: المشهور عند أهل العلم أن صلاة الكسوف لا تكرر، ولكن ينبغي للإمام أن يلاحظ مدة الكسوف فيجعل الصلاة مناسبة، فإن كانت قصيرة قصَّر الصلاة، ويعلم هذا بما نسمع عنه الآن مما يقرر قبل حدوث الكسوف بأن الكسوف سيبدأ في الدقيقة كذا من الساعة كذا، إلى الدقيقة كذا في الساعة كذا، فينبغي للإمام أن يلاحظ ذلك، وإذا فرغت الصلاة قبل انجلاء الكسوف فليتشاغلوا بالدعاء والذكر حتى ينجلي، ثم إنه ينبغي للإمام إذا انتهى من صلاة الكسوف أن يعظ الناس اقتداء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولتكن موعظته موعظة واعظ يذكر فيها الجنة والنار، ويحذر من الأسباب التي توجب دخول النار.
مجموع فتاوى ابن عثيمين 16 / 322
----------------------------------------------
سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الحكم لو كانت الشمس عليها غمام ونشر في الصحف قبل ذلك بأنه سوف يحصل كسوف بإذن الله تعالى في ساعة كذا وكذا فهل تصلى صلاة الكسوف ولو لم يُرَ؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز أن يصلي اعتماداً على ما ينشر في الجرائد، أو يذكر بعض الفلكيين، إذا كانت السماء غيماً ولم ير الكسوف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالرؤية، فقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة»، ومن الجائز أن الله تعالى يخفي هذا الكسوف عن قوم دون آخرين لحكمة يريدها.
مجموع فتاوى ابن عثيمين  (16/309)
-----------------------------------------------

صلاة المرأة للكسوف

سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز للمرأة أن تصلي وحدها في البيت صلاة الكسوف؟ وما الأفضل في حقها؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن تصلي المرأة صلاة الكسوف في بيتها؛ لأن الأمر عام: «فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم»، وإن خرجت إلى المسجد كما فعل نساء الصحابة، وصلت مع الناس كان في هذا خير.
مجموع فتاوى ابن عثيمين  (16/310)
-----------------------------------

الاجتماع لصلاة الكسوف

سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما السنة في صلاة الكسوف؟ هل هي في المسجد أم في المصلى؟ وهل تجب فيها الجماعة؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة في صلاة الكسوف أن يجتمع الناس لها في مسجد الجامع؛ لأنه كلما كثر العدد، كان أقرب إلى الإجابة، وإذا صليت في المساجد الأخرى فلا حرج، وإذا صليت فرادى كما تصليها النساء في بيوتهن؛ فلا حرج أيضاً؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا وادعوا».
مجموع فتاوى ابن عثيمين  (16/311)
-----------------------------------------
سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: من أتم صلاة الكسوف بركوع وسجدتين بعدما سلم الإمام؛ فهل يلزمه إعادة الصلاة أم ماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه إعادة الصلاة إذا كان جاهلاً، أما إذا كان عالماً لكنه متلاعب؛ فإن صلاته تبطل.
مجموع فتاوى ابن عثيمين  (16/311)
-----------------------------------------
سئل: أرجو شرح صلاة الخسوف والكسوف باختصار يوائم العامة والناس؟
فأجاب رحمه الله تعالى: 
-الخسوف للقمر والكسوف للشمس وقد يقال الخسوف لهما جميعا وقد يقال الكسوف لهما جميعا والأمر في هذا واسع. 
-أما كيفية صلاة الكسوف فإنه ينادى لها إذا حصل كسوف ينادى (الصلاة جامعة) مرتين أو ثلاثا أو خمسا أو سبعا حتى يغلب على ظنه أن النداء بلغ الناس، وليس في النداء لها تكبير ولا تشهد، وإنما يقال الصلاة جامعة فقط ولا يزاد (صلوا يرحمكم الله)؛ لأن الاقتصار على ما ورد أفضل من الزيادة.
-أما كيفية الصلاة فإنه يكبر ويستفتح ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة جدا بقدر ما يستطيع حتى جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قرأ فيها بنحو سورة البقرة، ثم يركع ركوعا طويلا يسبح الله فيه ويعظمه، يقول: (سبحان ربي العظيم سبحان ذي الجبروت سبحان ذي الملكوت سبحان ذي العظمة). ويكثر من تعظيم الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أما الركوع فعظموا فيه الرب) (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) المهم أنه يأتي بكل ما ورد من تعظيم الله عز وجل.
-ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة، لكنها دون الأولى ثم يركع ركوعا طويلا، يكثر فيه من تعظيم الله عز وجل إلا أنه دون الركوع الأول ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ويقوم قياما طويلا، بقدر ركوعه وهو يسبح الله ويحمد الله ويثني عليه ولو كرر ذلك فلا بأس.
-ثم يسجد سجودا طويلا طويلا جدا بقدر الركوع يكثر فيه من التسبيح سبحان ربي الأعلى ومن الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) ثم يرفع من السجدة الأولى ويجلس بين السجدتين جلوساً طويلا بقدر السجود يدعو فيه بما أحب رب اغفر لي وارحمني وعافني واجبرني واهدني ووسع أمري واشرح صدري وما شاء من الدعاء ثم يسجد السجدة الثانية سجدة طويلة كالأولى.
-ثم يقوم فيقرأ الفاتحة وسورة طويلة، لكنها دون الأولى ثم يركع ركوعا طويلاً لكنه دون الأول ثم يرفع فيقرأ الفاتحة وسورة طويلة. لكنها دون الأولى ثم يركع الركوع الثاني ويطيل الركوع لكنه دون الأول ثم يرفع فيقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ويطيل الوقوف بقدر الركوع ثم يسجد ويطيل السجود لكنه دون الأول ثم يجلس بين السجدتين ويطيل الجلوس لكنه دون الأول ثم يأتي بالسجدة الثانية ويطيل السجود لكنه دون السجود في الركعة الأولى ثم يقوم ويتشهد ويسلم.
-هذه صفة صلاة الكسوف التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين كسفت الشمس ثم بعد ذلك يخطب خطبة واعظة يعظ الناس فيها ويبين لهم الحكمة من الكسوف ويحذرهم من عقاب الله عز وجل كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين خطب في الناس بعد الصلاة خطبة واعظة تحرك القلوب وتلينها فإن الشمس كسفت في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم يعني ابن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ..."
فتاوى نور على الدرب.
-------------------------------------------
قناة  فوائد الشيخ ابن عثيمين على التيليجرام:
https://goo.gl/tevtLd
لنشر المختصر من أقواله المكتوبة.

خطبة صلاة الكسوف لابن عثيمين ( مكتوبة )

الحمد لله الملك القهار، العظيم الجبار، خلق الشمس والقمر، وسخر الليل والنهار، فسبحانه من إله عظيم خضعت له الرقاب، ولانت لقوته الصعاب، توعد بالعقوبة من خرج عن طاعته {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله واشكروه على ما سخر لكم من مخلوقاته، فلقد سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه. {اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} .
سخر لكم الشمس والقمر دائبين لتعلموا بمنازل القمر عدد السنين والحساب، ولتتنوع الثمار بمنازل الشمس بحسب الفصول والأزمان.

سخرهما يسيران بنظام بديع، وسير سريع {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} لا يختلفان علواً ولا نزولاً، ولا ينحرفان يميناً ولا شمالاً، ولا يتغيران تقدماً ولا تأخراً عما قدر الله تعالى لهما في ذلك {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} . 

فالشمس والقمر آيتان من آيات الله الدالة على كمال علمه وقدرته، وبالغ حكمته، وواسع رحمته، آيتان من آياته في عظمهما، آيتان من آياته في نورهما وإضاءتهما {وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ الْقَدِيمِ * لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.

لقد أرجف الماديون بصانعي الأقمار الصناعية وعظموها وأنزلوهم المنزلة العالية مع حقارة ما صنعوا، وخلله، وتلفه، وغفلوا عن تعظيم من خلق صانعي هذه الأقمار، وعلمهم كيف يصنعونها، وخلق لهم موادها ويسرها لهم.
غفلوا عن تعظيم من خلق الشمس والقمر دائبين آناء الليل والنار، وأعرضوا عن التفكر فيما فيهما من القدرة العظيمة، والحكمة البالغة لذوي العقول والأبصار.

إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، مخلوقان من مخلوقات الله، ينجليان بأمره وينكسفان بأمره، فإذا أراد الله تعالى أن يخوف عباده من عاقبة معاصيهم كسفهما باختفاء ضوئهما كله أو بعضه، إنذاراً للعباد، وتذكيراً لهم لعلهم يحدثون توبة، فيقومون بما يجب عليهم من أوامر ربهم، ويبتعدون عما حُرِّم عليهم من نواهي الله عز وجل.

ولذلك كثر الكسوف في هذا العصر فلا تكاد تمضي السنة حتى يحدث كسوف في الشمس، أو القمر، وذلك لكثرة المعاصي والفتن في هذا الزمن، فلقد انغمس أكثر الناس في شهوات الدنيا ونسوا أهوال الآخرة، وأترفوا أبدانهم، وأتلفوا أديانهم، أقبلوا على الأمور المادية المحسوسة، وأعرضوا عن الأمور الغيبية الموعودة، التي هي المصير الحتمي والغاية الأكيدة {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ} .

أيها الناس إن كثيراً من أهل هذا العصر تهاونوا بأمر الكسوف فلم يقيموا له وزناً، ولم يحرِّك منهم ساكناً، وما ذاك إلا لضعف إيمانهم وجهلهم بما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واعتمادهم على ما علم من أسباب الكسوف الطبيعية، وغفلتهم عن الأسباب الشرعية، والحكمة البالغة التي من أجلها يحدث الله الكسوف بأسبابه الطبيعية.

فالكسوف له أسباب طبيعية يقرّ بها المؤمنون والكافرون، وله أسباب شرعية يقر بها المؤمنون، وينكرها الكافرون، ويتهاون بها ضعيفوا الإيمان فلا يقومون بما أمرهم به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الفزع إلى الصلاة، والذكر، والدعاء، والاستغفار، والصدقة.

لقد كسفت الشمس في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة واحدة في آخر حياته في السنة العاشرة من الهجرة حين مات ابنه إبراهيم رضي الله عنه، وذلك في يوم شديد الحر، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعاً إلى المسجد، يجر رداءه مستعجلاً يخشى أن تكون الساعة، جاء في رواية مسلم أنه من فزعه صلى الله عليه وسلم أخطأ فخرج بدرع بعض نسائه لظنه رداءه حتى أدركوه بالرداء، قال ابن حجر: "يعني أنه أراد لبس ردائه فلبس الدرع من شغل خاطره بذلك، وكان يوماً شديد الحر حتى أتى المسجد"  وأمر منادياً ينادي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في المسجد رجالاً ونساء، فصلى بهم صلاة لا نظير لها في الشريعة الإسلامية، صلاها كما صليناها الآن، ركعتين في كل ركعة ركوعان، وأطال فيها إطالة عظيمة حتى كان بعض الصحابة يخرون من طول القيام، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت، وسُمع وهو في سجوده يقول: "رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون". ثم بعدما سلَّم خطب خطبة عظيمة بليغة، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد، فإن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده فينظر من يحدث منهم توبة، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وإلى ذكر الله، ودعائه، واستغفاره» وفي رواية: «فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا، وصلوا حتى يفرج الله عنكم» .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: لقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعتاقة في كسوف الشمس، فهذه سبعة أشياء أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها عند الكسوف وكلها ثابتة في صحيح البخاري وهي:
1 الصلاة.
2 والدعاء.
3 والاستغفار.
4 والتكبير.
5 والذكر.
6 والصدقة.
7 والعتق.
كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر.
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته: «يا أمة محمد والله ما من أحد أغْيَرُ من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وأيْمُ الله لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لَاْقُوْهُ من أمر دنياكم وآخرتكم، ما من شيء لم أكن رأيته إلا رأيته في مقامي هذا، حتى الجنة والنار، رأيت النار يحطم بعضها بعضاً، فلم أر كاليوم منظراً قط أفظع، ورأيت فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قُصْبَه يعني أمعاءه، ورأيت فيها امرأة تعذب في هرة لها، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خَشاش الأرض، ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم كفتنة الدجال، يؤتى أحدكم فيقال: ما عِلمُك بهذا الرجل، فأما المؤمن، أو الموقن فيقول: محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال: نم صالحاً، فقد علمنا إن كنت لموقناً، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته» 

عباد الله .. إن من الموبقات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم لما وقع الكسوف - الزنا . فلنحذر الزنا وأسبابه، ولنغلق أبوابه؛ فما من أحد بأغير من الله؛ فلنحذر سخطه، ونبتعد عن كل ما يقرب من الزنا؛ امتثالاً لأمره -سبحانه-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) ونغض أبصارنا عن النظر إلى ما حرم الله كما أدبنا ربنا بذلك في قوله: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )

عباد الله .. إن في الكسوفَ تذكيرا بيومِ القيامةِ، حيثُ تُزلزلُ الأرضُ ويُخسفُ بالقمرِ وتَنتثرُ الكواكبُ، والشمس يجُمِع بعضُها إلى بعضٍ ثم تُلَفُّ ويُرمَي بها، وإذا فُعِلَ لها ذلك ذهبَ ضوؤُها؛ فذلك قول الله تعالى (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ؛ فإذا كُسِفت الشمسُ في الدَنيا - تَذَّكر العبادُ بذلكَ يومَ القيامةِ، فأعقبَ ذلك عبرةً وذكرى لأهل الإِيمانِ، وغفلةً وبعداً لأهلِ العصيانِ.

أيها المسلمون: إن فزع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للكسوف، وصلاته هذه الصلاة، وعَرْضَ الجنة والنار عليه فيها، ورؤيته لكل ما نحن لاقوه من أمر الدنيا والآخرة، ورؤيته الأمة تفتن في قبورها، وخطبته هذه الخطبة البليغة، وأمْرَه أمتَه إذا رأوا كسوف الشمس أو القمر أن يفزعوا إلى الصلاة، والذكر، والدعاء، والاستغفار، والتكبير، والصدقة، والعتق. إن كل هذه لتدل على عظم الكسوف، وأن صلاة الكسوف مؤكدة جداً، حتى قال بعض العلماء: إنها واجبة، وإن من لم يصلها فهو آثم، فصلوا أيها المسلمون رجالاً ونساء عند كسوف الشمس أو القمر كما صلى نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، في كل ركعة ركوعان وسجودان بقراءة جهرية. ومن فاتته الصلاة مع الجماعة فليقضها على صفتها، ومن دخل مع الإمام قبل الركوع الأول فقد أدرك الركعة، ومن فاته الركوع الأول فقد فاتته الركعة.
وفقني الله وإياكم لتعظيمه والخوف منه، ورزقنا الاعتبار بآياته، والانتفاع بها، إنه جواد كريم.
=========================

مستفاد غالبها من خطبتين لابن عثيمين رحمه الله، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (16/335-346).
وما كان باللون الأحمر فإنه ليس من كلام ابن عثيمين.


-----------------------------
قناة ( فوائد الشيخ ابن عثيمين ) على التيليجرام :
https://goo.gl/tevtLd
لنشر المختصر من أقواله المكتوبة.

تغريدات عن مؤتمر الشيشان

|• تغريدات عن مؤتمر الشيشان •|


للشيخ أ.د. صالح سندي - المدرس في المسجد النبوي، ورئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب (عقيدة).

═ ¤¤

🔹 برعاية روسية! #مؤتمر_الشيشان اجتمع أقطاب الخرافة لتعريف أهل السنة، فدخل فيه الجميع؛ إلا أهل السنة!*
﴿وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيئًاٌ﴾.

🔸من حسنات #مؤتمر_الشيشان :
- افتضاحُهم؛ فكم أزعجونا بذم "الإقصاء"؛ فطبَّقوه بامتياز!
- سقوطُ أقنعة كانت جاهدة في التلوّن أو "مَسْك العصا من المنتصف"!

سيكتب التاريخ أن "مؤتمر الضِرار بأهل السنة" عُقد في أحضان روسيا، حين كانت طائراتهم تدُك المسلمين في سوريا.
ألا قليلٌ من الحياء!

═ ¤¤

{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} قال ابن دريد: «هم أهل السنة». بيان تلبيس الجهمية 122-6

أهل السنة "فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم"
الرد على البكري لابن تيمية 490-2

🔸 أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء خير من بعضهم لبعض؛
بل هم للرافضة خيرٌ وأعدل من بعض الرافضة لبعض!
وهذا مما يعترفون هم به.
منهاج السنة لابن تيمية 157-5

أهل السنة مع أهل البدعة بالعكس؛ إذا قدروا عليهم لا يعتدون عليهم بالتكفير والقتل..بل يستعملون معهم العدل الذي أمر الله به ورسوله .
التسعينية لابن تيمية 699-2

أهل السنة: نقاوةُ المسلمين؛ فهم خير الناس للناس ..
منهاج السنة 158-5

من هم أهل السنة ؟
(أهلُ السُّنةِ وحِزْبُ الرَّسولِ وعسْكر الإيمانِ:
كلُّ حقٍّ مع طائفةٍ من الطَّوائفِ فهُم يوافقونهم فيه، وهم بُرآء من باطلهم.

فمذهبُهم:
- جَمْعُ حَقِّ الطَّوائفِ بعضَه إلى بعض،ٍ والقولُ به، ونصرُه، وموالاةُ أهله من ذلك الوجه.
- ونفيُ باطلِ كُلِّ طائفةٍ من الطَّوائف،ِ وكسرُه،ُ ومعاداةُ أهلِه من هذا الوجْه.

فهم حُكَّامٌ بين الطَّوائفِ:
• لا يتحيَّزُون إلى فئةٍ منهم على الإطلاق.
• ولا يردُّون حقَّ طائفةٍ من الطَّوائف.
• ولا يقابلون بدعةً ببدعةً، ولا يردُّون باطلاً بباطلٍ.
• ولا يحملُهم شَنَآنُ قومٍ -يعادُونهم ويكفِّرونَهم - على أن لا يعدلوا فيهم؛ بل يقولون فيهم الحقَّ ويحكمون في مقالاتهم بالعدل).
شفاء العليل لابن القيم 200-1

═ ¤¤
حساب الشيخ صالح سندي الرسمي على تويتر:

═══ ¤❁✿❁¤ ═══
قناة فوائد الشيخ أ.د.صالح سندي:
‏‫من جهاز الـ iPhone الخاص بي