٨٠ مسألة وفائدة من فقه المعاملات المالية
الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فهذه فوائد ومسائل مُستفادة من دروس الدورة العلمية الثانية قواعد في فقه المعاملات المالية ، والتي كانت مختصة في قواعد الربا ألقاها فضيلة الشيخ .د سليمان الرحيلي حفظه الله ورعاه وجزاه الله عنَّا خير الجزاء .
وقبل الشُّروع في إيراد هذه الفوائد والمسائل أودُّ التنبيه إلى أمرين مهمين :
الأول : أنَّ المقصد من جمع هذه الفوائد هو مذاكرة العلم ومدارسته ، وقد قال السلف : ( إنما يُذهب العلمَ النسيانُ وتركُ المذاكرة).
الثاني : أنِّي جمعت بعون الله وتوفيقه أغلب ما تم طرحه في الدورة سواء كان في الدرس أو في أجوبة الشَّيخ لأسئلة الحضور والمستمعين في مسائل متعلقة بالمعاملات المالية المعاصرة، وذلك بعبارات وجيزة وإشارات مختصرة وجمل ملخصة مقتصرًاعلى ما رجحه الشيخ .
فأقول وبالله أستعين :
١- الربا اصطلاحاً : مبادلة مالية فيها زيادة خاصة أو تأخير في أشياء مخصوصة .
توضيح :
• المال عند الفقهاء هو كل ما يُملك، وليس خاصاً بالنقود .
•الربا ليس محصوراً في الزيادة فحسب، بل يكون في التأخير أيضًا، لكن في الأموال الربوية فقط.
٢- تحريم الربا من آخر ما نزل من القرآن ، ومن أهل العلم من يقول : هو آخر ما نزل من الأحكام .
٣-آيات الربا جاءت منفرةً منه من كل وجه ؛لبيان خطر الربا وأنه أشر المعاملات بخلاف غيرها ممَّا يحتاج إلى استنباط واجتهاد .
٤- جاء في آيات الربا قوله تعالى:﴿يتخبطه الشَّيطان من المس﴾ أي مسه بخبل أو جنون، قيل: هو جنون حقيقي، وقيل : يشبه صاحب الجنون ، كما جاء في الحديث : « فمن أكل الرِّبا بعث يوم القيامة مجنونًا يتخبَّط» ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون﴾ الآية. والحديث حسنه الألباني .
٥- قال تعالى: ﴿يمحق الله الرِّبا ويربي الصَّدقات﴾، المَحْق على نوعين ، اجتمعا في الربا وهما:
• محق حسي : وذلك بأن يسلط الله على ماله ما يفنيه أو سرقة أو نصب .
• محق معنوي من وجوه، منها:
١- أن يزرع الله في قلبه البخل ويرى الفقر بين عينيه .
٢- أن يكون المال لا بركة فيه ولا خير .
٣- أن لا ينفق صاحبه المال في وجوه الخير.
• وقوله تعالى: ﴿ويربي الصدقات﴾ يدل على أن:الأنواع السابقة في المحق بأنواعه التي تقدم بيانها يكونُ عكسها في الصدقة من زيادة خير وبركة ، وقناعة ، وإنفاق في طرق الخير.
٥- قال تعالى: ﴿فأذنوا بحرب من الله ورسوله﴾ لم يجتمع حرب الله ورسوله على ذنب إلا في الرِّبا .
٦- الربا حرام، ومن كبائر الذنوب ، ولا فرق بين اليسير والكثير؛ للنصوص الصريحة في ذلك، والإجماع القطعي على تحريمه .
٧- دفع الربا أسهل من رفعه ؛ فـالحذر منه سهل، وكلما ابتعد منه المسلم سلم لكن إن دخل فيه انحدر .
٨- الربا من السبع الموبقات المذكورة في الحديث المرفوع: «اجتنبوا السبع الموبقات» وفيه: «وأكل الربا» متفق عليه
٩- الربا سبب لحلول العقوبات العاجلة في الحديث : «إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله» أخرجه الحاكم وحسنه الألباني .
١٠- أنواع الربا
الربا من حيث ما يقع فيه على ثلاثة أقسام :
١- ربا البيوع ٢- ربا الدُّيون ٣- ربا الشفاعة .
١١- ربا البيوع فعلى قسمين :
١- ربا الفضل
٢- ربا النسيئة وسيأتي الكلام عليهما
١٢- ربا الديون فعلى ثلاثة أقسام :
١- ربا القرض ٢- الزيادة في الدين الثابت في الذمة ٣- ضع وتعجل .
١٣- ربا القرض هو اشتراط الزيادة عند الاقتراض سواء كانت حسية كالنقود أو معنوية كالجاه .
١٤- الزيادة على الدين الثابت في الذمة
بأن يقول إذا حل الأجل أخِّر وأزيدك كذا وكذا سواء كان ذلك من المُقرض أو المقترض .
١٥- كلا النوعين ربا القرض - والزيادة ، حرام بالإجماع ، وهما من ربا الجاهلية .
و توجد صورهما في البنوك الربوية اليوم .
-والفرق بينهـما :
•-أنَّ ربا القرض تكون الزيادة فيه عند العقد ، أما الدين الثابت في الذمة فتكون الزيادة فيه عند حلول الأجل .
•-أنَّ ربا القرض سببه القرض، والدين الثابت سببه القرض أو البيع .
١٦- ضع وتعجل هو القسم الثالث من أنواع ربا الديـون وهذا النوع يقع كثيرا في معاملات الناس اليوم
١٧- ضع وتعجل هو : النقص بالدين الثابت في الذمة من أجل تقديم الأجل ، سواء كان هذا من المُقرض أو المقترض .
١٨- حكم ضع وتعجل :
الجمهور على تحريمه ، وقال بعض أهل العلم بالجواز، وهو قول للشافعي ورواية عن أحمد واختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وبه قالت اللجنة الدائمة .
١٩-موطن الخلاف في مسألة "ضع وتعجل" في كون الإسقاط من باب الاشتراط، أما التبرع والعفو فجائز عند جمهور أهل العلم .
٢٠- من الفروق بين ربا البيوع وربا الديون:
•-أنَّ ربا الديون يجري في كل الأموال، وربا البيوع في الأصناف الربوية فقط.
• أنَّ ربا الديون يكون نسيئة، وربا البيوع حاضرا ونسيئة .
٢١- ربا الشفاعة - وهو القسم الثالث من أقسام الربا من حيث ما يقع فيه - ، وفهو: أخذ الشيء مقابل الشفاعة وما يسمى اليوم بالواسطة، وهي: التوسط من الصالح أو الوجيه لجلب منفعةً أو دفع مضرّةً .
٢٢- حكم ربا الشفاعة :
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على خمسة أقوال، والراجح :التحريم مطلقا؛ لحديث : «مَن شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا» أخرجه أبوداود و حسنه غير واحد من أهل العلم كالألباني وابن باز رحمهما الله .
٢٣-تنبيه : إذا كانت الشفاعة فيها إنفاق من الشافع فلا بأس بأخذ ما أنفقه أو إذا أخذ شيئًا مقابل عمل وتعب فلا بأس بأخذ ما تعارف في العادة .
٢٤- لماذا كانت كان أخذ العوض مقابل الشفاعة ربا ؟
لأنها زيادة في مال الشافع من غير وجه حق، هذه حقيقة الربا، ولذا جاء في الحديث أنَّه: «أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا».
٢٥-•• إشكال والجواب عليه ••
هل حديث تحريم قبول الهدية في الشفاعة يخالف حديث : «من صنع إليكم معروفا فكافئوه» ؟
- الجواب : هذا الحديث مقيد بغير الشفاعة المذكورة في الحديث السابق .
٢٦- أجمع العلماء على أن ربا الدين يجري في جميع الأموال، مثاله : أن يقول: "خذ هذه السيارة قرضاً وبعد عامٍ أعدها ومعها سيارة أخرى"، فهذا ربا .
٢٧-ربا البيوع لا يقع في كل مال أو جنس وإنما في أجناس معينة، وهو من حيث حقيقته قسمان : ١- فضلٌ. و ٢- نسيئة، أي التأخير .
٢٨- ربا الفضل هو: تفاضل في كل بيع لجنسٍ يجري فيه الربا بجنسه .
٢٩- ربا النسيئة هو: تأخير قبض ما يجري فيه الربا ، كأن يشتري مائة جرام من الذهب بمائة جرام من الذهب مؤجلاً .
٣٠-قال -عليه الصَّلاة والسَّلام - : «الذهب بالذهب مثلا بمثل و الفضة بالفضة مثلا بمثل و التمر بالتمر ... فمن زاد أو ازداد فقد أربى»
وفي الحديث الآخر : " فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " .
• في الحديث: بيان نوعي الربا وهما: ربا الفضل ، في قوله: «مثلا بمثل»، وربا النسئية، في قوله: «يدًا بيدٍ».
• في الحديث : أنَّه إذا اختلفت الأصناف فيجوز التفاضل ؛ لقوله: «فبيعوا كيف شئتم» لكن لا بد أن يكون يدًا بيدٍ .
• دل الحديث بالسكوت على: جواز التفاضل والنسيئة إذا كان المبيع ليس من أجناس الربا المذكورة في الحديث، فمثلًا: يجوز بيع ثوبٍ بثوبين متفاضلًا و نسيئة .
[ وسيأتي تفصيل لهذه المسائل ]
٣١- ربا النسيئة لم يقع في تحريمه خلاف في الأمة ولم يقل أحد من الأمة إنه حلال فهو حرام بالإجماع .
٣٢- ربا الفضل خالف في تحريمه ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم لكن ثبت عنهما الرجوع عن هذا القول .
٣٣- ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : «إنما الربا في النسيئة» أخرجه مسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه .
والجواب عنه :
١- أنه يحتمل لواقعة معينة.
٢- صحَّت الأحاديث على تحريم ربا التفاضل بالنصِّ ، وهذا الحديث يدل على جوازه بالمفهوم ، والنصُّ مقدم على المفهوم .
٣- أنه خرج مخرج التغليظ ، وما خرج مخرج التغليظ لا مفهوم له ، والسبب أنَّ ربا النَّسيئة هو الشائع .
٤- هذا الحديث رواه أسامة بن زيد والأحاديث الأخرى الدالة على قوع الرِّبا بالتفاضل رواها من هو أكبر منه سنا وأكثر عددا فتقدم عليه .
٣٤- الأصناف الربوية المنصوص عليها والمتفق عليها ستَّة وهي : الذهب، والفضة، والتمر، والبر، والشعير، والملح .
٣٥- جمهور العلماء على أنّ الربا يجري في الأصناف الستة وما يُقاس عليها ممَّا شاركها في العلة ؛ لأن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات .
٣٦- اتفق الجمهور على أن للذهب والفضة علة ، وللأصناف الأربعة علة أخرى، لكن اختلفوا في تعيين تلك العلتين .
٣٧- علة الذهب والفضة -على الصَّحيح-: الثَّمَنِيَّة، والمتعدية في كل ما اتخذه الناس ثمنا وأصبح رائجا .
٣٨- علة الأصناف الأربعة -على الصَّحيح-:
كل مطعومٍ موزن أو مكيل ؛ لأن مجموع روايات أحاديث الربا تُشعر أنَّ هذه هي العلة .
٣٩- النقود الورقية من الأموال الربوية ، وعلى الصحيح أنّ العملة الواحدة جنس واحد يحرم فيها التفاضل والنسيئة .
٤٠- قاعدة : "كل قرضٍ جر نفعا فهو ربا"،
- معناها : لا يجوز القرض الَّذي يجُرُّ منفعة لأنَّه ربا.
- وهذه القاعدة تحتاج إلى ضبط، وإلى بيان مقاصدها، ولم يصح فيها حديث ولا أثر عن صحابي ، وجاءت من كلام بعض التابعين، حيث صحَّت عن قتادة وابن سيرين وإبراهيم النخعي ، و الناظر لكلام أهل العلم يجد أنهم مجمعون على هذه القاعدة .
٤١- المنفعة قد تكون للمُقرض فقط وقد تكون للمقترض فقط وقد تكون مشترَكة بينهما ، فإن كانت للمقرض فقط فحرام بالإجماع ، أما المقترض والمشتركة بينهما فيهما خلاف، والصحيح أن ذلك جائز.
• مثال على نفع المُقرض : كأن يقول اقرضك بشرط حمل المتاع الخاص بي إلى البلد الفلاني
•مثال على على نفع المقترض : يقول أقرضني بشرط أن تدودعها في البنك الفلاني
•مثال على المنفعة المشتركة : قال المُقرض اقرضك بشرط أن تستأجر بيتي ، هنا المنفعة مشتركة؛ فللمقرض لأنه سيتحصل على أجرة البيت ، وللمقترض سيتحصل على منفعة سُكنى البيت.
٤٢- المنفعة المشتركة بين المقرض والمقترض
تجوز بشروط وضوابط عند المجيزين لها :
• أن تكون منفعة المقترض مقصودة لا مفروضة
• أن يكون للمنفعة مُقابلا غير القرض
•أن لا تكون هناك زيادة عن العادة .
٤٣- إذا وُجِدَت عادة عامة على نفع المقرض فالمنفعة حرام لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، وإن كانت عادة خاصة لفئة من الناس فكذلك حرام أيضًا على الصحيح ، وإن كان العرف لفرد فجائز عند الجمهور .
٤٤- المنفعة الذي يجرها القرض ولم تكن مشترطة لا لفظاً ولا عرفاً فالجمهور على الجواز لأن هذا من حسن القضاء .
٤٥- المنفعة الملازمة للقرض أصالة أو طبيعة كالشكر والثناء وحفظ المال بالقرض جائزة ولم يقل أحد بالمنع .
٤٦-المنفعة التي لها مقابل غير القرض ولم يكن سببا فيها جائزةٌ على ماجرى في العادة، كأجارة بيت مثلًا.
٤٧- اشتراط الوفاء في غير البلد الذي تم فيه القبض ، نص بعض الفقهاء على جوازه .
٤٨- الجمعيات المعروفة بين الموظفين والناس: نَصَّ جمعٌ من أهل العلم على جوازها؛ للأدلة الآتية :
١- أنها من باب التعاون وسد الحاجات
٢- أنها من باب الودائع وليست من باب القرض
٣- لو سلمنا أنها من باب القرض لا تكون محرمة ؛ لأن القرض الذي يجر نفعا فيه زيادةٌ، وهنا ليس ثّمَّ زيادة.
٤- لو سلمنا أن فيها منفعة زائدة فهي مشتركة، والمشتركة جائزة على الصحيح .
٤٩- الأموال التي في البنوك ويستفيد منها البنك هي من باب الودائع وليست من باب القرض .
٥٠- لا يجوز بيع الأثمان أو المطعوم مكيلًا كان أو موزونًا بجنسه إلا مثلا بمثل بإجماع أهل العلم كالذهب بالذهب أو التمر بالتمر.
٥١- الجنس ما يشمله اسم خاص وإن كانت له أنواع فالتمر جنس وإن كانت له أنواعٌ مختلفة كالعجوة والبرني .
٥٢- فروع الأجناس أجناس مختلفة ولو جمعها اسم واحد، كالدقيق يشمل أنواعا للحبوب فيرد كل دقيق إلى أصله .
٥٣- إذا كان موزونا ومكيلا وليس مطعوما كالإسمنت والحديد فيجوز بيعه ولو متفاضلا .
٥٤- إذا كان مطعوما ولكنه ليس مكيلا ولا موزنا كالمعدودات من الفواكه والخضروات فيجوز بيعه ولو متفاضلاً .
٥٥- الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل ، فإذا لم يُعلَم التماثل لم يجز بيع الربوي بجنسه .
٥٦- لا يجوز بيع مكيلٍ من المطعومات بشيء من جنسه وزنا ، ولا يجوز بيع الموزون من الأثمان والمطعومات كيلا بجنسه .
• توضيح :
كمن يبيع التمر بالجرام بمثله وزنًا، فهذا يؤدي إلى التفاضل أو الجهل بالتماثل، والأصل في التمر الكيل لا الوزن.
٥٧-لا يجوز بيع مبيع أصله مكيل بمثله جزافا أو بيعه جزافا بمثله مكيلًا أو موزنًا؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر" كما في صحيح مسلم .
٥٨- كيف نعرف ما أصلُه مكيل وما أصلُه موزون ؟ الجواب : هناك خلاف بين أهل العلم، والأقرب : أنَّ كل ما جاء فيه النص أنه مكيل فهو مكيل، وكذلك الموزون والمعدود ولو خالف العرف، و أمَّا ما لم يرد فيه النص فالمرجع فيه إلى عرف الناس .
٥٩- المبادلة في الأموال إما أن تكون في الأموال الربوية أو في غير الأموال الربوية:
• المبادلة في الأموال الربوية لها ثلاثة أحوال :
١- مال ربوي بجنسه، كالذهب بالذهب: فيحرم فيه التفاضل والتأخير.
٢- مال ربوي بجنس آخر ويشتركان في العلة، كالذهب بالفضة: فيحرم التأخير ويجوز التفاضل.
٣- مبادلة مال ربوي بجنس آخر ويختلفان في العلة، كالذهب بالتمر: فيجوز التفاضل والتأخير .
• المبادلة في الأموال غير الربوية ، كالثوب بالثوبين، والفرَس بالفرَسين: فيجوز فيها التفاضل والتأخير قولًا واحدًا أما اجتماع التأخير والتفاضل ففيه خلاف، والجمهور على الجواز، وهو الراجح .
٦٠- لا يجوز بيع رَطب من المطعومات بيابس من جنسه، كصاع تمر بصاع رطب، أو عنب بزبيب ؛ لأنَّ الطَّعام إن جَفَّ نقص .
٦١- لا يجوز بيع خالص ربوي بمَشوبٍ من جنسه، كالذهب الصافي بذهب مخلوط بنحاس ؛ لأن هذا يؤدي إلى التفاضل .
• ومن أمثلته أيضًا: لا يجوز بيع الذهب من عيار ٢٤ بذهب من عيار ١٨، أو ذهب خالص بذهب فيه فصوص .
والحلُّ : أن يبيع أحدَهما بالنقود، ثُمَّ يشتري النوع الذي يريد .
٦٢- لا يجوز بيع نَيِّء الربوي بمطبوخٍ من جنسه عند الجهمور، كاللحم المطبوخ باللحم النَّيِّء.
٦٣- بيع العرايا علاقتُه بالربا من جهة أنه يباع فيه الرطب بالتمر خرصاً ، و الراجح فيها ما ذهب إليه الحنابلة في معنى العرايا بأنَّها: بيع الرطب على رؤوس النخل خرصا بتمر يُكال لمحتاج للأكل من الرطب ولا يجد إلَّا التَّمر؛ لحديث : " رخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا " أخرجه البخاري وهذا يدل على الحاجة .
• مسألة: جاءت الرخصة في بيع العرايا في التمر، فهل يُقاس غيره عليه ؟ الراجح أنَّه لا يقاس عليه غيره، وهو مذهب الحنابلة .
٦٤- الربا موضوعٌ، أي: يجب وضعه وإسقاطه؛ فهو محرم ومنكر عظيم .
٦٥- ربا الدين إن كان قائما وموجودا: فإنه يجب إسقاط الزيادة وأخذ رأس المال فقط .
٦٦- ربا البيوع إن كان قائما والمعاملة موجودة: فيجب فسخ العقد؛ لأنه باطل، ويأخذ كل واحد ما أخذ .
• وذلك لقول الله تعالى : ﴿اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا﴾ وقوله تعالى : ﴿وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم﴾.
وجاء في الحديث : «ربا الجاهلية موضوع» أخرجه مسلم .
٦٧- إذا أخذ الربا ثم تاب والمعاملة قائمة :
•فيجب إسقاط الربا ولو بدفع المال كله إن كانوا سيسقطون عنه الزيادة .
• فإن لم يتمكن أو لم يسقطوا الزيادة فتكفيه التوبة، ولا يجب عليه بيع البيت أو السيارة؛ لأن الزيادة لن يسقطوها عنه، فلا فائدة من البيع .
٦٨ – المعاملة التي مضت وانقضت فهذا فيها تفصيل كالآتي:
• إن وقعت في حال الكفر فالإسلام يهدم ما قبله، فلا يُطالب بإخراج ذاك المال .
• وإن كانت في حال إسلامه والمال لم يبق منه شيء فتكفيه التوبة .
• إن كان المال موجوداً فله ثلاثة أحوال :
١- أن يكون جاهلا بحكم هذه المعاملة فلا يجب عليه رد المال على الصحيح؛ لعموم الآية: ﴿فله ما سلف﴾، ولقصة أبي هريرة في التمر
٢- أن يكون متأولا لفتوى سمعها ثم عَلِمَ أنها محرمة، فمذهب أكثر أهل العلم أنه لا يجب عليه التخلص من المال الذي عنده .
٣- أن يكون عالمًا متعمدًا، ثمَّ تاب ، فأكثر أهل العلم على أنه يجب عليه التخلص منه، وذهب البعض إلى أنه لا يجب عليه التخلص منه ؛ لوجوه وهي :
• عمومُ قوله تعالى : ﴿فله ما سلف﴾
• أنَّ التوبة تهدم ما قبلها.
• أنَّ في أمره بالتخلُّص تنفير له من التوبة ، فإذا كان الكافر لا يؤمر حتى لا ينفر من الإسلام، فكذلك المسلم العاصي؛ حتى لا ينفر من التوبة، وهذا هو الأرجح و لكن يجب عليه التوبة والإكثار من الصدقة .
٦٩ - النُّقود المعروفة اليوم مرَّت بثلاث مراحل :
١- كانت عبارة عن صكوك وسندات يتحمَّلها مخرجها وتُسمى بالأوراق النائبة ، ويسدد ما يقابلها من الذهب والفضة في البنك .
٢- مثل المرحلة الأولى، إلا أنه لم يكن لها غطاء من الذهب والفضة وإنما جملي .
٣- أصبح للنقود قوة وقيمة في ذاتها وتسمى بالأوراق الإلزامية، فالقانون يلزم بها، ويجرم من يردها .
٧٠ – مسألة: حكم سحب مبلغ من المال من جهاز صرف لا يتبع البنك الذي تتعامل معه:
•الذي يظهر هو: الجواز ، لأن ما أخذ من مال هو مقابل استخدام هذا الجهاز والجهاز له قيمة و مؤونة، ومن وجه آخر: أن الذي يدفع المبلغ البنك الذي يتعامل معه وليس العميل .
ونوصي بأن يسحب من البنك الذي يتعامل معه قدر ما يستطيع لوجود الشبهة والله أعلم .
٧١-مسألة: حكم الحوالة بالعملة بين الدول :
هذه الحوالة مركبة من حوالة وصرف .
* الحوالة يجوز أخذ مقابل عليها ولا إشكال في ذلك، ولكن الإشكال في الصرف من حيث عدم حصول التَّقابض ، فلا بد أن يكون يدًا بيد.
* الحوالات أنواع :
١- الحوالات الفورية -أو ما تسمَّى بالحوالات السريعة- التي تعتمد على الحاسب الآلي، فبمجرد ما تدخل المعاملة فيها يستلمها الطرف الآخر ، فهذه جائزة ؛ لأن القبض حاصل فيها بالفعل أو بالقوة أي بالقدرة .
٢- الحوالة العادية ، وهذه لها صور :
• أن يُعطى المحوِّل شيكاً بقيمة ما دفع بالعملة التي حول عليها، ويكون مُصدَّقا ، ثم يرسل الشيك للمحوَّل إليه وهذه جائزة ؛ لأن قبض الشيك يعتبر قبضا .
• أن لا يحصل فيها قبض الشيك ولا تكون سريعة بل تتأخر ليوم أويومين أوثلاثة ، ويُعطَى المحوِّل ورقة على التحويل "الإيصال" فهذه الحوالة لا تجوز ؛ لأنه ليس فيها قبض والورقة التي يُعطاها لا قيمة لها .
•فماذا يفعل من يحتاج لهذه الحوالة ولا توجد إلا هذه الطريقة فإذا لم يجد من يحتاج إلى الحوالة سوى هذه الطَّريقة فماذا يفعل؟
- الجواب: أن يصرف الدَّراهم فيصرفها مثلا بالدولارات ويستلمها منهم فيحصل بذلك القبض والصرف، ثم يرسل الدولارات عن طريق البنك نفسه أو بنكا آخر.
- فإن لم يكمن فهناك ما يُسمى بالتحويل الفردي ، لا عن طريق المصارف والبنوك ، بليتخذ الطرفان -المحوِّل والمحوَّل إليه- وكيلان في البلد الثاني .
٧٢- يجوز بيع بطاقات الرَّصيد الهاتفي بزيادة ونقصان ؛ لأن البيعَ هنا بيعٌ لمنفعة الاتصال لا للدراهم، فبطاقة الـ٢٠ درهما يجوز شراؤها ١٩ أو ٢١ درهمًا.
٧٣- لا يجوز الدخول في معاملة ماليَّة بعقد ربوي ولو كنت تعلم أن الربا لن يقع ؛ لأن التعاقد في الربا مع الاختيار رضا به، وهذا حرام .
٧٤- حكم التعامل مع البنوك الربوية ؟
• يجوز أن يتعامل معهم إذا كانت معاملتهم صحيحة شرعًا؛ لأن النبي ﷺ تعامل مع اليهود وهم أهل الربا ، والورع أن يبتعد عن هذه البنوك مع وجود البديل .
٧٥- أصحاب البنوك الربوية ساقطو العدالة بسبب تعاملهم بالربا فلا يُعتمد على خبرهم .
٧٦- صورة التمويل الجائز الذي في البنوك هي:
• أن يشتري البنكُ مثلا البيت ، ويملكه ملكًا تامًّا ، ولم يلزموا المشتري شيئا قبل ملك البيت لا بورقة ولا تعهد ولا بعربون ولا بشيء فأصبح شراء البيت منهم حراً فإن شاء اشتراه وإلَّا تركه، ثم يبيعه له بالتقسيط بزيادة في الثمن ، يُتَّفَق عليها عند العقد فهذه المعاملة صحيحة وجائزة .
٧٧- العلماء يقولون: "المخادعة بالربا أشد من صريح الربا" .
٧٨- الزيادة إذا كانت في العقوبات لا في المعاملات فليست من الربا، كمخالفات المرور .
أما في المعاملات - كما يحصل في الجامعات - فإن كانت الزِّيادة محددة يقع العقد عليها ابتداء فهذه جائزة ، فإن وقع العقد على مبلغ ثم يُزاد إذا تأخر فهذا هو الربا .
مثال : إذا قالت الجامعة : "من سجل في في الشهر الأول فعليه ٢٠٠٠ ، ومن سجل في الشهر الثاني : فعليه ٣٠٠٠ ، فهذا جائز، أما إذا قالت : "عليك أن تدفع كذا فإن تأخرت فعليك كذا" فهذا ربا .
٧٩- إذا قال لك بنكٌ من البنوك: "سوف أسدد عنك ما عليك في البنك الآخر بشرط أن تفتح الحساب عندنا" فهذا من الربا ولا يجوز ؛ لأن فتح الحساب عندهم لهم فيه منفعة ومصلحة .
٨٠ - الفرق بين الرشوة وربا الشفاعة :
أنَّ الرشوة هي : أن يعطى العامل أو الموظَّف الذي يعمل في تلك الجهة مالاً لدفع ضرر أو جلب منفعة، أما ربا الشفاعة فهو: أن يتوسط بجاهه ومكانته لتلك الجهة ثم يأخذ عليه مالًا، سواء اشترط أو لم يشترط .
وبهذا تم المقصود، والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وأسأل الله تعالى أن يبارك في علم الشيخ ، وأن ينفع بهذه المسائل والفوائد والقواعد طلاب العلم وغيرهم، وبالله التوفيق.
جمع :
علي مُصبِّح المقبالي
@Ali_Bo_Hamad
وإن كانت هناك ملاحظات فيُرجى التواصل
على البريد :
ali.mwm@hotmail.com
-------------------------------------------
تابع قناة فوائد الشيخ أ.د. سليمان الرحيلي على التيليجرام
المدرس في المسجد النبوي
https://goo.gl/yyHK3t